" تقرير " .. شلال شايع .. كيف صمد حين هرب الجميع ؟

صدى الحقيقة : خالد السنمي - عادل حمران

انجلت أعمدة الدخان المتصاعد من لهيب الانفجار الذي هز أقصى مدينة التواهي شمال غرب المدينة الواقعة على ضفاف البحر، وتبدَّى المشهد العدني الجديد بوضوح " العاصمة الجنوبية في قبضة الإرهاب " وجعفر في ذمة الله.. والجنوبيين على حيرتهم التي زادت الأحداث الأخيرة من تعميقها.

 

هذا المشهد التراجيدي ما يزال متقداً بذاكرة العدنيين ولم يغب عن وجدانهم حتى اليوم لحظة مشاهدتهم الإرهاب وهو يضرب عاصمتهم بعد تحريرها وتنفسها الصعداء.

المشهد القديم الذي يتكرر، حينما يتذكر الكثيرون مشهد العاصمة الجنوبية بعد تحريرها من قبضة الحوثيين وهي تنهار من الداخل بفعل ضربات الجماعات الإرهابية والتي وصلت ذروتها بضربة قاسية كان ضحيتها محافظهم المخلص وقائد تحريرها من الانقلاب اللواء جعفر محمد سعد.

المدينة انهارت كلياً، وأصبحت بين قوسين أو أدنى من إعلانها عاصمة للإرهاب وولاية إسلامية جديدة.

وفي عتمة الفوضى والارهاب، كتب للمدينة ميلاد جديد مع وصول اللواء شلال علي شائع كمدير للأمن ومعه اللواء عيدروس الزبيدي المحافظ الجديد بقرار جمهوري أصدره الرئيس هادي.

بداية النهاية :

الأسابيع التالية لاستشهاد اللواء جعفر شهدت تصعيداً لافتاً للجماعات المسلّحة التي وسّعت سيطرتها على أحياء ومديريات جديدة في محافظة عدن ومحيطها، وأعادت قيادتها التموضع مجدداً في بلدات محافظة أبين القريبة من عدن، معلنة مدينة جعار عاصمة لـ"ولاية عدن أبين الإسلامية".

وتزامن ذلك التصعيد مع ارتفاع وتيرة عمليات الاغتيالات في عدن ولحج، والتي طالت العديد من الكوادر العسكرية والمدنية وقيادات في "المقاومة الجنوبية" وضباط وجنود من قوات "التحالف" الا ان تعيين شلال كمدير أمن المحافظة شكل بداية لنهاية نشاط الجماعات المتطرفة.

مشروع شهادة :

قبل شلال المنصب رغم إدراكه بأن المرحلة ليست سهلة والمهمة ليست سوى انتصار للحياة في عدن أو موت وهلاك له ورفاقه ولعدن بشكل عام .

ودشنت الجماعات الإرهابية معركتها ضد القيادة الجديدة بست محاولات متتالية لاغتيالهم عبر السيارات المفخخة والتي استهدفت موكب محافظ عدن، اللواء عيدروس الزبيدي، ومدير أمن عدن اللواء شلال شائع لكنها فشلت في ايقاف مسيرة الحياة الجديدة في عدن.

بدأ شلال في ترتيب أمور الأمن في عدن في ظل جملة من التعقيدات، فمعظم مديريات عدن كانت خارج نطاق الدولة.

فمديرية التواهي التي تحوي عدداً كبيراً من المرافق الهامة بينها القصر الرئاسي والمنطقة العسكرية الرابعة كانت خاضعة بشكل شبه كامل للقاعدة.

أيضا كان مسلحو التنظيم يسيطرون على أحياء في المنصورة والممدارة ودار سعد والبريقة والشعب وكريتر والمعلا وكانت أعلام التنظيم تجوب شوارع المدينة في ظل غياب كامل لمؤسسات الدولة العسكرية والأمنية.

في الوقت ذاته كانت معظم القيادات العسكرية والأمنية تتجنب التعاون مع شلال خشية من انتقام القاعدة الذي قد يأتي على هيئة عبوة ناسفة أو مسدس كاتم للصوت إلا أن شلال كان مصمما على مواصلة حربه ضد الارهاب في سبيل إنقاذ المحافظة.

صمود :

أكثر من محاولة اغتيال استهدفت شلال لكنها لم تثنه عن محاربة الإرهاب في عدن فالرجل كان يؤمن ان معركته ليس فيها إلا خيارين، النصر أو الموت وهذا ما أكده في مقابلة تلفزيونية له حيث قال بانه" لن يترك أمر مكافحة الارهاب إلا شهيدا".

انجازات :

تشير التقارير إلى جملة من الإنجازات السنوية التي كانت ترفعها كافة الجهات الأمنية منها قوات الطوارئ وقوة حماية المطار والميناء ومعسكر طارق والأحزمة الأمنية .

ولضيق الوقت فقط اخترنا انجازات قوة مكافحة الاٍرهاب التابعة لقوات أمن العاصمة عدن و التي كانت كافة العمليات تتم بتوجيهات وبإشراف مباشر من اللواء شلال شائع .

حيث يشير تقرير تم رفعه نهاية العام 2016 إلى الإنجازات التالية:

 تمكنت الوحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب التابعة لإدارة أمن عدن بالإشراف المباشر من اللواء شلال والتنسيق مع قوات التحالف العربي أثناء تنفيذها لأكثر من (135) عملية دهم لمواقع وأوكار ومخابئ الجماعات الإرهابية من ضبط (235) عبوة ناسفة و( 301) لغما و(189) قطعة سي فور و(35) ريموت كونترول و(60) جهاز خاص بتفجير العبوات الناسفة عن بعد وعدد من الوثائق والكتيبات الخاصة بتنفيذ العمليات الإرهابية وتصنيع المتفجرات.

أما العام 2017م فقد شهد يقظة أمنية بعد تحقيق انتصارات كبيرة في العام الماضي.

وإليكم بعض انجازات قوات أمن العاصمة عدن :

- تمكنت الوحدة الأمنية الخاصة بمكافحة الإرهاب اثناء تنفيذ عملياتها من القبض على (96) إرهابي مثبت عليهم بالأدلة بتنفيذ عمليات اغتيال طالت كواد عسكرية وأمنية ومدنية ورجال دين.

-  ضبط (84) عبوة لاصقة و(58) عبوة ناسفة و(4) صواريخ و(7مدافعB10) و(9صواريخ حرارية) و(144) لغم بشري و(42) مقذوف ار بي جي و(77مقذوف هاون مع 7 مدافع هاون) و(209) قذيفة دبابة ووتفكيك (2 سيارات مفخخة) و(14حزام ناسف). وضبط أكثر من (904) لغم ارضي مضاد للدروع).

- ضبطت الوحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب أثناء عمليات المداهمة للأوكار الإرهابية أحد معامل تصنيع السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة (1264) قطعة سي فور وعدد من الوثائق التي تحمل قائمة بعدد من ضباط البحث وقيادات أمنية كانت تخطط العناصر الإرهابية لإغتيالهم وكتيبات أخرى خاصة بتنفيذ العمليات الإرهابية وتصنيع المتفجرات".

كل هذه النجاحات الأمنية التي تحققت لعدن لم يكن ثمنها مجانا فقد كانت التضحيات كبيرة حيث بلغ عدد شهداء أمن العاصمة عدن منذ تولي شلال منصب مدير أمن العاصمة عدن حتى اليوم 365 شهيد ومئات الجرحى.

أما في العام 2018 فقد بلغت عدد العمليات الذي تم إحباطها قبل وقوعها مايقارب 24 عملية منها أحزمة ناسفة وسيارات مفخخة، وكانت العمليات منوعة مابين عدن ومديرياتها ولحج وقرى مجاورة لها .

- وبلغت عدد العبوات 235 عبوة ناسفة، وعدد الألغام 301 لغم معبئة سيفور، وعدد السيفور بحدود 189 قطعة وعدد البارود المتفجر 260 قطعة، ريموتات تفجير عن بعد35 ريموت، لواصق تفجير لسيارات عدد72 قطعة، وجهاز تفجير ذاتي70 جهاز، أسلحة منوعة كلاشن ومسدسات ومعدلات ودوشكات واربعة عشر ونص وقنابل يدوية، عدد ستة صواريخ مع القواعد كانت متوجهة لمعسكر التحالف ومطار عدن الدولي عدد واحد راجمات صواريخ،.

- تم تنفيذ 130 عملية مداهمة وتم القبض على 104 عنصر من القاعدة وداعش منهم خلايا قتل ومنهم مصنعين متفجرات ومنهم مصادر للمجاميع الارهابية ومنهم ممولين ماليا ومنهم غسل دماغ الشباب الصغار في السن ومنهم من يقوم في الفتاوى لصغار السن ومنهم أمراء ومنهم من يقوم في تسفير الشباب الصغار للانضمام لداعش والقاعدة.

نكران وجحود :

من المخجل بعد هذه التضحيات الجسيمة أن يلقى اللواء شلال شائع جحود ونكران صنيع جهوده وشجاعته وتضحياته.

فالرجل الذي صمد في عدن حين هرب جميع القادة يتم منعه اليوم من العودة إلى عدن، المدينة التي أرخص حياته في سبيلها واختلط فيها عرق جبينه بتراب الأرض و دماء الشهداء،.

أي قرارات ارتجالية تم اتخاذها بحق الرجل، غياب شلال ترك فراغا واسعا وأثر سلبا على أداء الأجهزة الأمنية .

فوجود شلال يمثل آمان وعافية لعدن و سكانها فشلال يحظى برصيد شعبي منقطع النظير ليس لانه أحد قادة الثورة الجنوبية ولا لأنه قائد المقاومة إبان الحرب ولا لكونه مدير أمن العاصمة عدن لكن لانه شلال البسيط المتواضع المخلص لوطنه وشعبه الذي لم تغيره المناصب ولا الظروف بل ضَل بتلك القيم والبساطة.

ندرك جميعا مدى أهمية عودة اللواء شلال فالعاصمة الجنوبية تحتاج رجال المهمات الصعبة واللحظات الحاسمة، وشهدت عدن عددا من المسيرات الحاشدة للمطالبة بعودة شلال .

فبعد مغادرته شهدت عدن تدهورا أمنيا واسعا واختلالات كانت قد اضمحلت إبان وجود القائد شائع فوجوده بحد ذاته أمان وجنوده يستمدون منه صمودهم وشجاعتهم و تضحياتهم.