لم نكن نرغب بأن تصل مطالبنا المشروعة حول تغيير حكومة فاسدة و فاشلة لحد رفع السلاح وإستخدامه بين الأشقاء الجنوبيين , كنا نأمل من الرئيس الشرعي هادي أن يلبي مطالبنا المشروعة وينحاز لقضايا الوطن والمواطن .
شهادة للتأريخ قد تسر البعض وأكيد ستغضب البعض الآخر , ومن أجل نزع فتيل المواجهات المحتملة بين الإنتقالي وحكومة بن دغر في عدن حاولت قيادة التحالف بعدن إحتواء الموقف قبل إنفجاره , وإلتقت قيادة التحالف العربي بعدن يوم الجمعة برئيس الوزراء بن دغر بقصر المعاشيق , وكانت طلبات بن دغر هي أن تكون فعاليات يوم الأحد سلمية وعدم إقتحام قصر معاشيق , إتفقت الأطراف على عدم نشر أي قوات جديدة من قبل الطرفين تفاديا لأي مواجهات محتملة .
ولكن الحكومة الشيطانية كعادتها أرادت إستخدام ذلك اللقاء بقيادة التحالف العربي بعدن بغير سياقه الطبيعي , وأرادت إيصال رسالة بأن التحالف العربي يقف مع الحكومة ضد المجلس الإنتقالي , وكعادتها نقضت حكومة بن دغر ما ألتزمت به , ففي الساعة 9 من مساء يوم الجمعة تم نشر قوات الحماية الرئاسية وغيرها وكل ما يملكون من عتاد وعدة للسيطرة على عدن بشكل تام وليس على ساحة الحرية بخورمكسر فقط لمنع فعاليات الإنتقالي , أغلقت جميع الطرقات المؤدية إلى عدن من أبين وبعد نقطة الحزام الأمني بمنطقة الرباط من قبل قوات مهران القباطي , تم إجبار جميع المواطنين والعمال والموظفين و الطلاب على العودة لمنازلهم وبقوة السلاح هذه المرة , كانت عملية الإنتشار عبارة عن منع للتجول وفرض الأحكام العرفية وبالمصطلح العسكري إنقلاب الشرعية على مواطنيها العزل في عدن .
ماحدث من قبل بن دغر وحكومته كانت مؤامرة دنيئة لتفجير الوضع عسكريا بعدن ونشوب حرب أهلية , كان عمل مدروس ومخطط له بليل ومنذ فترة ليست بالقليلة تم التحضير والتجهيز لها , من الساعة 9 مساء بتوقيت عدن ليوم الجمعة وحتى العاشرة صباحا ليوم السبت لم تتدخل أي قوات لمواجهة الحرس الرئاسي وغيرها من القوات المشاركة بالأحداث المشؤومة , بعد إغلاق الطرقات جميعها في عدن وخارجها ومنع المواطنيين من ممارسة نشاطهم وأعمالهم تحرك القائد منير أبواليمامة إلى دوار ( جولة ) كالتكس بالمنصورة وكان مترجل وأعزل ليخاطب الجنود بفتح الطرقات وحقن دماء المسلمين , وعند إقترابه من الجنود باشروه بإطلاق الرصاص ومن هنا إنطلقت شرارة المواجهات الدامية في عموم مناطق عدن وغيرها .
كانت الفعاليات ستدشن بالمطالبات السلمية وستليها المظاهرات و الإعتصامات وغيرها , لم يكن الإنتقالي ولا قيادة التحالف سببا في تفجير الموقف عسكريا في عدن , لأنهم لم يكونوا هم السباقين بنشر تلك القوات وإغلاق الشوارع وفرض حظر التجول عل مواطني عدن والداخلين إليها , بل ماحدث من قبل قوات المجلس الإنتقالي ردة فعل طبيعية والدفاع عن مواطنيه العزل .
ثلاث كتائب فقط من قوات المجلس الإنتقالي التي شاركت مقابل ثلاثة ألوية للحماية الرئاسية وهي اللواء الأول والثالث والرابع ومجاميع مسلحة أخرى .
ورغم الاستعداد القتالي لتلك الألوية والذي يتوجب عليه رفع حالة الجاهزية القتالية القصوى , لم تكن تتواجد بالمعسكرات الرئاسية سوى 10% من تعدادها وهذا ما أثبته الواقع والأحداث وعدد الأسرى , السؤال هل إمتنعت تلك القوات الباقية عن المشاركة وتغيبت عن الحضور أم أنها غير موجودة إلا بكشوفات الرواتب فقط .
إنهارت ألوية الحماية الرئاسية وبقية القوات الشرعية في غضون الساعتين فقط , والسبب يعود لرفض الكثيرين من الشرفاء الدفاع عن الحكومة الفاسدة الفاشلة بقيادة بن دغر وإستشعارهم بحرمة الدم الجنوبي .
رب ضارة نافعة , خدمت هذا الأحداث المؤلمة المجلس الإنتقالي الجنوبي والشعب أيضآ , وهذا ما سنراه في المستقبل القريب بإذن الله تعالى , العالم اليوم مشبع بثقافة البقاء للاقوى ومن يسيطر على الأرض فقط , تعمد الرئيس الشرعي هادي تجاهل مطالبنا العادلة والجلوس معنا على طاولة واحدة أسوة بالآخرين المتمردين على سلطته , رغم أننا نعترف بشرعيته وقاتلنا من أجلها .
نصب الرئيس هادي نفسه وصيا على الجنوب وشعبه , ولهذا يسوق نفسه أمام الإقليم والعالم بأنه الممثل الوحيد للجنوب والجنوبيين , ونحن لا ضير لدينا بأن يكون الرئيس هادي حاملا عادلا وممثلا للقضية الجنوبية بما لا يتعارض مع أهداف وطموحات شعبنا الجنوبي , بعد أحداث عدن المؤلمة آن الأوان لأن يتحرر قرار الرئيس من الهيمنة الإخوانية الإصلاحية , التي لم تعد تجدي بسبب تغير اللاعبين و التحالفات على الأرض في اليمن وظهور قوى أخرى أكثر حضورا وقوة وشعبية .
أصبح العالم ينظر للمجلس الإنتقالي الجنوبي كمكون سياسي وعسكري لا يستهان به بعد اليوم , وكما قال الرئيس القائد اللواء عيدروس الزبيدي ماقبل 30 يناير لن يكون كبعده أبدآ , أرجوا إعادة قرأة هذه الكلمات جيدآ لكي لا نقع بخطأ أخر أشد خطورة .
أثبت المجلس الإنتقالي سيطرته التامة على قواته ونفوذه على الأرض بجنوب اليمن , وكذلك الإنضباط التام لتلك القوات لتعليمات قيادته العليا , فعلا لن يعود جنوب اليمن كما كان قبل 30 يناير 2018م , وعلى الرئيس الشرعي هادي أن يعي ذلك تماما كما وعت دول التحالف والعالم ذلك , لقد وقف الإصلاح موقف المتفرج كعادته , فهذه هي إستراتيجيته على الدوام ولن يغيرها أبدآ, الإصلاح دائما مع الأقوى و المنتصر وقريبا سنشاهده يتودد للمجلس الإنتقالي الجنوبي .
ستتغير قناعات كثير من الدول وستغير من أسلوب تعاطيها مع جنوب اليمن وشعبه ومجلسه الإنتقالي , فالأحداث الأخيرة جرت على غير العادة وكان البعض يتوقع أحداث دامية قد تصل لأشهر ويذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الجنوبيين بين قتيل وجريح .
فعلا تجلت الحكمة اليمانية في عدن وتم إخماد نار الفتنة سريعا وكسر شوكة من إيقدها بفضل من الله ثم بحنكة ووطنية الشرفاء وقيادة التحالف العربي في عدن .