صباح عدن حزين ، وصيفها حريق وأسعارها نار ، وكل شيء فيها يستنزفنا.
عدت من طابور الغاز حالتي حالة، بدني يقطر من كل مكان، وألم حمل الدبة ينهك ظهري وصدري، ومازلت لم التقط أنفاسي.
وجدته ينظر في عداد الكهرباء ، وبيده ورقة قديمة، قال : مخالف ، أدفع أو نقطع ، وبلا فلسفة زائدة.
تحسست جيوبي، وفتشت كمري، وكل الذي جمعته الفين ريال.
في بداية الأسبوع الثاني، عادوا ونزعوا واير الساعة وذهبوا ، وطاردناهم وجاري في عز الظهر ، وكان كيسهم مليان وايرات، وإذا لم نلحقهم ، بيسرحوا بها عند أبو النحاس.
تكلم معنا من نخرته : ااايش تشتوا ؟.
ترجيناه بصوت مجروح : الواير يا بشمهندس ، أرحمنا عند الله وعندك ، عادنا من يومين دفعنا لكم !.
نفخ طفشه وسعابيبه في وجوهنا : لا تجروا بعدي، ولا آشتي أشوف صورتكم ، وشوفوا المسؤول حقنا شيبه لوك ، ومن الأخير، الوير ما بيرجع بللوشي .
الحساسية تسلخ جسد ابنتي الصغيرة، ووالدة جاري يتلوى انينها على فراش المرض، ولم يحرك نشيد توسلنا مشاعرهم ، فتكعفنا الألفين الثانية من ظلوعنا.
تلصصت على الكشف الذي بيده، فلم نجد قائدا أو مسؤولا أو بلطجي !..
وفي نهاية الأسبوع زارنا جزار المياه !.
شلونا مقاولة، وكل من يشتي قات خميسه ويفلفل حرمته، ويمشي عياله ، يجيب كلبة ويفكك العداد ويقطع الواير، وأدفع أو تعذب.
مستعدين ندفع كل ريال في الفاتورة، ولكن هاتوا لنا خدمة مستقرة، ودولة محترمة، ومسؤول بضمير، ووكيل نظيف، ومدير شريف، وعوضونا قيمة المواطير، و البطاريات، والواح الطاقة الشمسية، وأسلاك التوصيلة وأجرة الكهربائي، وقبل كل هذا نطالبكم بمحاسبة الكبار، وتحصيل فواتير المسؤولين، ومساواتنا بإخواننا البلاطجة.
يا محافظنا، سعادة الأستاذ أحمد لملس، رفقا بالمواطن، فلا يجوز الجمع بين عسرين ، عسر الفساد و عسر الصيف، ويكفينا معاناتنا اليومية، فقد أصبحنا مطشة لسماسرة العملة، وتجار الجملة والتجزئة، وافران الروتي، وأبو الصيد، وصاحب الخضرة، فكلهم يطلمونا طريق طريق بلا رقيب أوحسيب.
يا محافظنا، ربما نعذركم، فقد لا تستطيعوا مواجهة لعبة الكبار، ولكن لا يوجد شرف في أن تقيموا سلطتكم و دولتكم على المواطن الصغير، والهنجمة على الضعيف.
يا محافظنا، وزير الكهرباء الياباني عاقب نفسه، وانحنى لشعبه 20 دقيقة، احتراما، واعتذارا على انقطاعها 20 دقيقة، ونحن نسالكم، فين الكهرباء حتى تقطعوا الواير حقي !..