حين تسقط الأقدار، الغدر..!
خالد شوبه
فجعنا الأسبوع الماضي بالهجوم الإرهابي الغادر، الذي تعرضت له قوة سعودية خاصة تابعة لقيادة التحالف الع...
تحل الذكرى الـ 61 لثورة 14 أكتوبر المجيدة، تلك الثورة التي انطلقت من جبال ردفان الشامخة عام 1963 لتحرر الجنوب من الاستعمار البريطاني، وتظل محفورة في ذاكرة أبناء الجنوب كرمز للنضال والتضحية من أجل الحرية والكرامة.
حيث شكلت ثورة 14 أكتوبر محطة فارقة في تاريخ الجنوب، وجاءت لتضع حداً لعقود من الاستعمار والتبعية. كانت هذه الثورة درساً في العزيمة والإصرار، قادها رجال ونساء من أبناء الجنوب بعزيمة فولاذية رغم التحديات الكبيرة. واليوم، ونحن نحتفل بذكرى هذه الثورة، يجب أن نسترجع قيم الوحدة والصلابة التي جمعت أبناء الجنوب في سبيل التحرر، وأن نستلهم منها الدروس، إذ تأتي هذه الذكرى اليوم ونحن أمام مرحلة جديدة من النضال لتحقيق التحرر الثاني والأخير للجنوب، تحت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يسعى إلى إستعادة حق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره عبر استفتاء عادل ونزيه. لتحقيق الهدف الأسمى وهو استقلال الجنوب عن هيمنة قوى الشمال التي فرضت بالقوة منذ حرب 1994.
الوحدة اليمنية: بين الشعارات والواقع
عندما تم توقيع اتفاقية الوحدة اليمنية في 1990، كانت الآمال معلقة على بناء دولة اتحادية متساوية. ولكن سرعان ما تحولت الوحدة إلى أداة للهيمنة والسيطرة من قِبَل القوى الشمالية، وخاصة بعد حرب 1994 التي اجتاحت فيها قوات صنعاء الجنوب بالقوة. ومنذ ذلك الحين، تحولت الوحدة إلى عبء فرض بالقوة، بعيداً عن المبادئ التي بنيت عليها، وأصبح الجنوب يعاني من التهميش والظلم في ظل حكومات لم تقدم له سوى الفساد والقمع.
لقد أصبح واضحاً اليوم أن الوحدة اليمنية التي فرضت في 1994 قد انتهت فعلياً، حيث لم يعد هناك مجال للحديث عن شراكة حقيقية أو عدالة في توزيع الثروات والسلطة. وتحت هذه الظروف، لم يعد أمام أبناء الجنوب سوى الاصطفاف خلف مشروع وطني واضح يسعى لاستعادة حقوقهم التاريخية والسياسية.
المجلس الانتقالي الجنوبي: قيادة المرحلة واستعادة الحق
في ظل هذه التحديات، برز المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة سياسية وعسكرية تعبر عن تطلعات أبناء الجنوب في الاستقلال واستعادة الدولة. منذ تأسيسه في عام 2017، قام المجلس الانتقالي بخطوات جريئة نحو تحقيق الهدف المتمثل في استعادة الدولة الجنوبية. وقد استطاع أن يجمع حوله غالبية القوى السياسية والشعبية في الجنوب، حيث يعمل على استعادة المؤسسات وتطوير البنية التحتية، جنباً إلى جنب مع جهوده الدبلوماسية لإيصال صوت الجنوب إلى المجتمع الدولي،إن أهمية الاصطفاف خلف المجلس الانتقالي في هذا الوقت الحاسم تكمن في أنه يمثل الإرادة الحقيقية لشعب الجنوب في تقرير مصيره.
التحرر الثاني والأخير: استفتاء تقرير المصير
إن الاستفتاء على تقرير المصير في المناطق الجنوبية بات ضرورة ملحة بعد عقود من المعاناة تحت سلطة الهيمنة الشمالية. لقد أثبتت السنوات الماضية أن الوحدة اليمنية لم تكن سوى غطاء للسيطرة على مقدرات الجنوب واستغلال موارده، دون أي اعتبار لمصالح شعبه. واليوم، بات من الضروري أن يُمنح أبناء الجنوب الفرصة لتقرير مصيرهم بأنفسهم عبر استفتاء نزيه يعكس إرادتهم الحقيقية.
يأتي هذا المطلب في إطار السعي للتحرر الثاني والأخير، حيث يجب أن يتمكن شعب الجنوب من استعادة دولته المستقلة بشكل سلمي وديمقراطي. ومن هنا، يُعتبر الاصطفاف خلف المجلس الانتقالي الجنوبي، باعتباره الممثل الشرعي لتطلعات أبناء الجنوب، أمراً لا بد منه لضمان تحقيق هذه الأهداف.
أهمية الاصطفاف في الوقت الراهن
في هذا الوقت الحاسم من تاريخ الجنوب، تأتي أهمية الاصطفاف الوطني خلف المجلس الانتقالي الجنوبي لتحقيق الوحدة الجنوبية الداخلية وتوحيد الصفوف لمواجهة التحديات القائمة. إن التكاتف بين جميع القوى السياسية والاجتماعية في الجنوب سيعزز من قدرة المجلس الانتقالي على التفاوض مع الأطراف الإقليمية والدولية من أجل تحقيق الاستقلال.
يجب على أبناء الجنوب أن يدركوا أن المرحلة الراهنة تتطلب وحدة الموقف والكلمة، فالتفرق والتشرذم لن يخدم إلا مصالح القوى التي تسعى لإبقاء الجنوب تحت سيطرتها. إن الوحدة الداخلية هي السلاح الأقوى لتحقيق الاستقلال وإنهاء الظلم الذي تعرض له الجنوب طوال العقود الماضية.
وأخيراً أننا في الذكرى 61 لثورة 14 أكتوبر، نستذكر بطولات أجدادنا الذين ناضلوا من أجل حرية الجنوب واستقلاله. واليوم، علينا أن نكمل مسيرتهم نحو التحرر الثاني والأخير بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يسعى لإقامة استفتاء يضمن لأبناء الجنوب حقهم في تقرير مصيرهم وإنهاء الوحدة المفروضة بالقوة منذ 1994. إن الاصطفاف الوطني خلف هذا المشروع هو السبيل لتحقيق تطلعات الشعب الجنوبي في بناء دولة مستقلة تضمن لهم الحرية والكرامة والمستقبل الأفضل.