حين تسقط الأقدار، الغدر..!
خالد شوبه
فجعنا الأسبوع الماضي بالهجوم الإرهابي الغادر، الذي تعرضت له قوة سعودية خاصة تابعة لقيادة التحالف الع...
كانت الشمس تميل بسرعة نحو الغروب بينما البحر يركض بقوة نحو الشاطئ ، حينها كان عدد من أعضاء الهيئة الأكاديمية الجنوبية يتسلقون الجبل بسيارات منهكة كانوا على موعد مع عدد من مسؤولي الأمن في العاصمة عدن من بينهم الأخ عبد الدائم مدير مكتب مدير الأمن في عدن كان ذلك ضمن برنامج نزول تقوم به الهيئة الأكاديمية إلى عدد من الجهات أمنية وعسكرية وسياسية وإدارية بهدف نقل معاناة الناس وقلقهم مما يحدث أحياناً من احتقانات أمنية ، والتحذير مما يعد له أعداء الجنوب مجتمعين من الإيقاع بين أبناء الجنوب المنخرطين في مختلف التشكيلات العسكرية والأمنية والمقاومة في عدن .
كان في استقبالنا في أعلى الجبل الضابط عبدالدائم.....
رجل في مطلع الكهولة تبدو عليه ملامح التواضع ونخوة أبناء الضالع ، رحب بنا واستمع باهتمام إلى زملائنا الثلاثة الذين اوكلنا لهم الحديث في اللقاء ، وكلهم متخصصون في القانون .ثم شرع الرجل بالردود بكل تلقائية وثقة وحماس ، مستشهداً بالشعر تارة والأمثال تارة اخرى من غير تعسف ولا تكلف. كنا إذا أمام رجل أمني محترف حريص على نجاحه في المهام التي يضطلع بالقيام بها .
كنا نعرف أن ما يقال عن هذا الرجل هو مجرد إشاعات ومبالغات وحملات مغرضة ليس هو شخصياً هدفها ولكن الهدف معروف كما سنذكر لاحقاً.
قلنا له : لماذا الاعتقالات الدائمة في عدن يا عبدالدائم ولماذا المداهمات ومنع الزيارات ؟
قال : وكيف نكافح الإرهاب من غير اعتقالات ؟ أما المداهمات فلا ننكرها لأن أي مطلوب للأمن لن يسلم نفسه بمجرد إشعار او بأي طريقة تقليدية أخرى، فكل مطلوب يا إخواني على ذمة الإرهاب إنما هو مسلح وسوف يقاوم الأمن او يتمكن من الهرب ونحن كما تعلمون لانزال في وضع حرب . أما الزيارات للمعتقلين على ذمة قضايا الإرهاب فهناك محاذير أمنية كثيرة تحول دون ذلك منها الخوف على حياة المعتقلين أنفسهم ومنها تسرب المعلومات وغير ذلك .
قلنا له : لكن لماذا لاتشعرون ذوي المعتقلين أن ابناءهم لديكم حتى يطمئنوا?
قال لم نجد أحدا من الأهالي يعترف بأن ابنه أو قريبه له علاقة بالإرهاب .
والإرهابين فكلهم يدعون بأن أبنائهم أبرياء ومظلومون وهذا يدل على ان داء الإرهاب والتطرف يتحرك مثل السرطان في المجتمع . وعموماً نحن كجهاز أمن مباشر لا نتعامل بالعواطف والإحراجات والوساطات والا فشلنا في عملنا وصرنا خونة في نظر من قدم لنا المعلومات الدقيقة بل ورضينا بسفك دماء الضحايا على يد من يفجرون أنفسهم في وسط الناس الأمنيين الأبرياء فالقسوة مع هولاء هي رحمة بهم وبالمجتمع الذي يهددون سلامته وامنه .ولكننا في كل الأحوال نخطر ذوي المعتقلين أن أبناءهم لدينا على ذمة التحقيق في قضايا إرهابية.
قلنا له : يا حضرة الضابط
كثر الكلام حولك وزادت الحملات ضدك
فماذا أنت قائل?
حرك جواله لكي يصمت...لم يرد على المكالمات أثناء اللقاء معنا لكنه لم يصمت جواله فكان الجوال يرن بين لحظة وأخرى فيحركه ليصمت كأنما أراد ان يوحي لنا بما هم فيه من ضغوط العمل والاتصالات والبلاغات والشكاوى وغيرها
بهذه الحركة المعبرة.
قال ردا على سؤالنا:
إرضاء الناس غاية لا تدرك وهناك حملات موجهة ضدنا من إعلام حزب الإصلاح وغيرهم من اتباع عفاش الذين تضرروا من إجراءاتنا الأمنية الحازمة وما حققناه من إنجاز أمني ملحوظ ونحن مشغولون بواجباتنا الأمنية الملحة ولسنا فارغين لمتابعة الحملات والتخرصات أو الرد عليها
ومع هذا فنحن نقدر أي نقد من قبل المواطتين أصاب أو أخطأ مادام لا يهدف
إلى التشويه والتشهير أو يخدم أجندات سياسية تسعى إلى استعادة السيطرة على العاصمة عدن.
قلنا له : ولكن ماذا عن الجلطات القاتلة التي تتعرض لها الطرقات بين الحين والآخر فكل من لديه مطلب أو مظلمة يقفز إلى قطع الطريق ..فما موقف الأمن
من هذه التصرفات غير المسؤولة?
قال: نحن نريد مشاركة الناس في هذه المسالة فهي متعلقة بالوعي أولا فأحيانا
يحدث ان تجد جماعة صبيان او أطفال يقطعون هذا الخط او ذاك فتجد أصحاب السيارات يرضخون ويعودون من حيث أتوا
أو يتوقفون ويبقون تحت رحمة هؤلاء
وهذه سلبية واضحة ومخجلة مع أننا لا نقصد استخدام القوة معهم ولكن لابد من موقف إيجابي من قبل المواطنين فهذا منكر وعلى الناس ان يتعاونوا في النهي عنه أما الأمن فلن يسمح بمثل هذه التصرفات رغم ردود الأفعال على ما نقوم به تجاه مثل هؤلاء حيث يتهموننا باستخدام
القوة المفرطة واستهداف المقاومة وبالمناطقية وبغير ذلك والله المستعان.
قلنا لهم لا تزكوا انفسكم فأنتم بشر
تخطؤون وتصيبون.
قال مؤيدا كلامنا : نعم هناك تجاوزات واخطاء لا ننكرها فنحن نعمل في ظروف استثنائية وكثرة القضايا واليلاغات والضغوط والمخالفات وحالة الاستنفار توقعنا في بعض
التجاوزات والأخطاء التي لا نصر عليها ولا ننكرها.
ثم استدرك قائلا:
عدد كبير من المقاومة الجنوبية انضم إلى إدارة الأمن في العاصمة عدن
لكننا لم نستطع ان نقدم لهم غير الرواتب
فليس هناك معسكرات مؤهلة تاويهم ولا تموين يكفيهم ولا إمكانات من أجل تاهليهم
حتى ان بعض هؤلاء الزملاء صاروا جزءا من المشكلة الأمنية نفسها حيث يقومون هنا او هناك بقطع طريق او إحداث فوضى
او مرافقة القيادات العسكرية وتعطيل حركة المرور وغيرها.
وفي ختام اللقاء لخص أحد الزملاء بعض النتائج وقدم بعض التوصيات الأمنية والقانونية للأخ عبدالدايم وزملائه.
انجدرنا عائدين ...
كانت الشمس حينها قد غرقت تماما في البحر مخلفة بقعا حمراء في وجه الأفق
وكان البحر لا يزال يعانق الشاطئ ذلك العناق الخالد.
دخلت عدن في ليلها بكل نشاط وحيوية كعادتها فهي مدينة تبدد الظلام ببهجتها
رغم انقطاع الكهرباء... مدينة لا تعرف القنوط واليأس ولا الانكسار حتى كلمات الشكا والبكاء قليلة في قاموسها.