كاتب و محلل سياسي

المحافظ المفلحي .. من الإقالة للإستقالة

عمليا كان المحافظ المفلحي مقال ولم يتبقى سوى إصدار قرار جمهوري بإقالته من قبل الرئيس هادي , ولم يتبقى سوى البحث عن بديل وهو ما أخر قرار الإقالة لبعض الوقت , تصرفات رئيس الوزراء بن دغر مع المفلحي كانت صبيانية وبهستيرية تدل على أن الرجل فقد توازنه ولم يعد بذلك الرجل الذي يستطيع التعايش مع الأحداث و الأزمات و الحروب و المنعطفات الخطيرة .
صراع بن دغر و المفلحي ليس بجديد , بدأ منذ تولي المفلحي مقاليد سلطة عدن المحلية , بن دغر أراد أن يمارس مهامه ليس كرئيس للوزراء بل رئيسا تنفيذيا للجمهورية اليمنية من عدن وله جميع الصلاحيات بعدن على حساب المحافظ المفلحي , الدليل على ذلك تجاوز بن دغر للسلطة المحلية بالإتصال المباشر مع مدراء المؤسسات و المكاتب التنفيذية لتهميش المحافظ المفلحي  .
 التكليف الأخير من رئيس الوزراء وبتوجيهات من الرئيس هادي للوكيل أحمد سالمين بالقيام بمهام المحافظ المفلحي بكامل الصلاحيات كان قرار إقالة بموافقة الرئيس هادي  , تجاوز بن دغر البروتوكول والأعراف القوانين الإدارية بمخاطبة وكيل محافظة دون التنسيق المباشر مع مسؤوله الاول وهو المحافظ المفلحي  .
الرئيس هادي كان على علم بذلك الصراع الشرعي , وهو ما شجع بن دغر بالمضي قدما بإذلال المفلحي بتلك القرارات الغير قانونية مطلقا  , الرئيس هادي خذل صديقه و مستشاره المفلحي وتركه وحيدا يواجه رئيس حكومته و بطانته الفاسدة بعدن  , وأهمل المفلحي وترك بمصر لثلاثة أشهر .
القشة التي قصمت ظهر البعير هي قيام الوكيل أحمد سالمين بتوجيه عمليات المحافظة بمنع دخول مديرة مكتب المحافظ المفلحي الاخت عذراء المدراسي لمكتبها بديوان المحافظة , وبعد يوم واحد فقط من قرار المفلحي بتعيينها مديرا عاما لمكتب المحافظ , كما قام سالمين بتغيير ختم ديوان المحافظة الرسمي من دون سبب قانوني أو رسمي لذلك العمل , تلك التصرفات أللا مسؤولة من قبل وكيل المحافظة حزت بنفس المفلحي كثيرا وأعتبره تحريض مباشر من قبل بن دغر عليه وهذه المرة كانت من قبل أحد وكلائه , كل تلك المآسي التي عانى منها المفلحي كانت بعلم الرئيس هادي ووقف موقف المتفرج و المشجع من ذلك الصراع الغير متكافئ .
أقولها بصراحة تامة للذين أختزلوا مشكلة المفلحي بالمكتب و سكن المحافظ كنتم مخطئين , كان الصراع الحقيقي بين المفلحي وقوى الفساد التي تدار من جبل معاشيق وهذا ما أثبته المفلحي بفحوى إستقالته للرئيس هادي .
قرار شجاع وصائب أتخذ من قبل المحافظ المفلحي بالاستقالة وهو مرفوع الرأس قبل الإقالة وهو مدفون الرأس  , ظهرا جليا عجز و ضعف الرئيس هادي بعد إستقالة المفلحي , وكانت ردة فعل الرئيس مخيبة للآمال و محبطة للغاية , أختزل معاناة المفلحي وعدن بتوجيهات للقيادة العسكرية بتمكين المفلحي من مكتبه وسكنه , وتغافل متعمدا عن أسباب الإستقالة التي كانت بسبب فساد مستشري بحكومته الشرعية الفاسدة .
المفلحي أصبح بطلا قوميا ويستحق ذلك بجدارة , الرئيس هادي كاد أن يصبح بطلا قوميا ويزيد من أسهم شعبيته المنهارة , ولكنه كالعادة لا مكان له بين الأبطال , ومن يسيطر عليه وعلى قراراته لا يريدون له خيرا قط , حكومة بن دغر لم يتبقى على عمرها الزمني سوى شهر وعدة أيام فقط قبل إقالتها كليا بحسب الإتفاق قبل عملية الإعمار ووصول الوديعة السعودية الملياري دولار لبنك البحرين المركزي .
لو كانت توجيهات الرئيس هادي بعد إستقالة المفلحي  بفتح تحقيق فوري من قبل نيابة الأموال العامة وتجميد نشاط رئيس الوزراء و جميع المشتبهين لأصبح الدنبوع بطلا قوميا بجانب المفلحي , وحتى لو عدل المفلحي عن قراره فسيعود أكثر قوة وسلطة  .
ولكن إرادة الله وحده هي الغالبة دائما و أبدآ  , ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله , سرقوا وقود محطات الكهرباء وتركوا شعبهم يعيش بالظلمات وكم أزهقت أرواح بسبب الحر الشديد لإنقطاع التيار الكهربائي المتعمد بسبب الوقود المسروق , سرقوا مياه الشرب بتعمدهم عدم صيانة وحفر الآبار وغيرها  , تركوا عدن فريسة لمياه المجاري و النفايات و العصابات وتجار الحروب والأزمات  , رواتب الجيش والأمن  مكنوزة بخزائن بنك عدن المركزي رافضين صرفها ويتذرعون بحجج واهية وغير منطقية  .
على المجلس الإنتقالي التريث قليلا وعدم الانصياع لهتافات الشارع الحماسية وتكون النتيجة خدمة للرئيس و حكومته المتهالكة المتأكلة المنهارة , دعوا كرة ثلج الشرعية تتدحرج وتكبر حتى تصير جبلا يصعب تسلقه أو تكسيره , وقفوا قليلا موقف المتفرج للأحداث التي ستلي قرار إستقالة المفلحي , وردود أفعال بن دغر وحكومته  وبعدها لكم حرية القرار و التصرف, هناك طرق وقنوات للتصعيد أقل كلفة و أكثر جدوى , وبطريقة حضارية و قانونية سنوصل بها رسائل كبيرة للداخل و الإقليم و العالم بأننا أصحاب حق و رجال دولة بمعنى الكلمة , ويجب تشكيل فريق قانوني من قبل المجلس الإنتقالي لتجهيز ورفع دعاوى محلية أو حتى دولية ضد الحكومة الشرعية ونتحاشى موقتا الرئيس هادي لكي لا نسقط السقف على رؤوسنا .

مقالات الكاتب