كاتب ومحلل سياسي

الشرفاء .. لا مكان لهم في وطني

سمعت هذه الكلمات التي أختزلت واقعنا اليمني من شاب عشريني كان يقولها لرجل أربعيني رافض لهذا الوضع المزري وحزين مما يجري ، قال له يا عم مشكلتك أنك تريد أن تعيش شريف ونزيه ووطني في زمن أصبح فيه الشرف و الأمانة والنزاهة والوطنية من دروس التأريخ وأساطير الأولين  .                                  
 فرد ذلك الأربعيني لذلك الشاب بأنه لازال يوجد بعض الشرفاء في وطني ولن ينقرضوا حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، صحيح أنهم يعانون من ضيق عيش ويصارعون لكي  يعيشوا مستوري الحال في زمن صار يأكل الأخ أخاه و الإبن أباه , وصار الشجاع يوصف بالمتهور والبلطجي بالشجاع , والمحترم بالساذج والوقح بالجريء , والكذاب بالبطل , والخائن مؤتمن , والأمين خائن ومندس  وعميل  .
 وصارت السرقة شطارة والرشوة مكافأة أو حافز مالي ويتفاخرون أمام الملأ بذلك , ولا ضير أن يذهبوا بعد ذلك للمسجد أو تراهم بالجامع فهم قد شرعنوا الفساد بأنه ذكاء وثراء ولا إثم على ذلك , وسرقة المال العام جائزة لأنهم هم العام والعامة .              
و صرنا ننظر  إلى كثير من التجار الجشعين والمسؤولين الفاسدين  و كلنا يأس من تغيير واقع أليم , يعيش فيه الفاسدون والفاشلون بكل حرية  وأمان , فهم القانون وهم الدستور وهم السلطة التنفيذية وجميع السلطات , ومن يعارضهم أو يقف بطريقهم فمصيره السجن أو يقال عليه فلان قد قتل أو مات .                   
ولسان حال هذا الشعب الفقير والمغلوب على أمره دائما يقول لهم , ألا تشبعون  ألا تخافون من الله ومن الموت المحتوم , والقبر الموحش المظلم , ومن يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ، ألا ترحمون شعب ضحى كثيرا من أجل غد مشرق , فكنتم سببا في غده المحرق , ألا تبصرون لحال إخوانكم في الدين و النسب و الوطن .                                
غرباء نحن في هذا الوطن ,  غرباء في آخر الزمن , إذا أردت أن تعيش  ياعم فقد تغيرت قوانين الحياة في وطني  , وإذا لم تستطيع أن تستوعب أو أن تواكب ذلك التغيير و تجاريه  فأبحث لك عن وطن أخر ياعم .                         
اليوم البقاء للأقوى  للأفسد للخائن للمرتشي للبلطجي  يا عم , أنصحك ياعم بأن تدخل في سبات شتوي طويل لعلك تصحى بعد ذلك لترى جيل أخر وطني في وطني  .               
اليوم قبل  أن تخرج من منزلك ياعم قل لضميرك  إبقى على الفراش و نام حتى أعود ، ففي الخارج أناس كثيرون قد ماتت ضمائرهم وقست قلوبهم و تسيدت غرائزهم الحيوانية ولم يعودوا كما كنت تتصورهم بشر أسوياء ورحماء ياعم . 
 إننا نعيش في زمن حكم الحقير ،  فلا تستغرب  ياعم عندما يضرب ويشتم الصغير الكبير , أو يظلم الكبير الصغير ، لا تستغرب ياعم  عندما يصبح الجاهل والفاسد و البلطجي مدير أو سفير أو وزير  , والمتعلم النزيه عاطل عن العمل أو عسكري أو غفير . 
أقولها لك ياعم وبكل صراحة وألم وقلب يقطر دم , وعيون شاردة ساهرة وحزينة ولم تنم , الوطن أصبح في وضع خطير ياعم .

مقالات الكاتب