لم تعد تنطبق صفة الفساد بنهب وسرقة المال العام وقوت الشعب الفقير البائس , بل تعدى ذلك إلى فساد المبادئ والقيم والأخلاق وخيانة الأمانة , التفريط بالثوابت والمبادئ والاخلاق الحميدة صارت من أقبح صور الفساد والانسلاخ بعصرنا الراهن , تتغير بعض الوجوه مع تغير مصالحها وتبدل جلودها كالافاعي , ولكن تبقى الصفات هي من تحدد طبيعة وبصمة شخصية الفرد والمجتمع .
الصراع على غنيمة كرسي السلطة الشاغر التي يراهن عليها بعض الذئاب البشرية أدت إلى تدهور الوضع المعيشي والخدماتي والأخلاقي بين أوساط المجتمع , الذي ضحى كثيرآ من أجل أن يعتلي شرار القوم وأراذلهم السلطة , وسلطوها كسيف بتار على رقاب شعبهم البائس الفقير .
لازال الأمل الأخير هو من يؤخر تفجر البركان الشعبي الغاضب العارم في وجوه الكل دون إستثناء , ولازلنا نعيش الثواني الأخيرة قبل إسدال الستار عن المشهد الأخير لشرعية التركيع والتجويع والفشل والفساد .
لم يطالب هذا الشعب وخصوصا في عدن والجنوب إلا بأدنى حقوقه التي تحفظ وتصون كرامته الآدمية أمام باقي الشعوب , حتى حقوقه التي تعتبر بالعرف الدولي حقوق مكتسبه ومن أبسط مقومات الحياة , تراها الشرعية اليمنية ترف لا يمكن تمكين الشعب منها لكي لا يتمرد عليها , هذا النوع من الترف من المنظور الحكومي الشرعي هو الماء والكهرباء والصحة والتعليم والمواصلات والراتب الزهيد الحقير , أصبحت هذه الحكومة من المنظور الشرعي والقانوني غير جديرة بأن تكون راعية لشؤون هذا الشعب , بعدما ثبت للقاصي والداني إهدارها للمال العام وفسادها بمشاريع لا تخدم متطلبات الشعب الضرورية بهكذا مرحلة مفصلية حساسة .
عشرات المليارات تذهب لجيوب أمراء الحروب وقادة الجيوش الوهمية في حكومتنا الشرعية , وبالمقابل مئات الأسر تنظم يوميا إلى فئة الأشد فقرا وحاجة وفاقة , والبعض منها لم يجد غير مكب نفايات الحكومة الشرعية الغني بما لد وطاب ليسد جوعه وجوع أسرته .
للمرة الألف على قيادة المجلس الإنتقالي الجنوبي فتح قنوات مباشرة مع الرئيس هادي تطبيقا لمبدأ الرئيس الشرعي المنتخب والمعترف به من قبل الكل , فتح قنوات تطالب الرئيس بفتح صفحة جديدة مع ذاته وشعبه ووطنه , والمماطلة بإقالة أو تغيير حكومة الفساد والفشل نتائجها وعواقبها وخيمة جدآ .
إن لم يجد الإنتقالي تجاوبا من الرئيس هادي يتجه المجلس الإنتقالي الجنوبي بموجب التفويض الممنوح له من أغلب الشعب الجنوبي إلى المبعوث الأممي البريطاني , ومجلس الأمن بتقديم شكوى رسمية ضد الحكومة الشرعية اليمنية وملفات الفشل والفساد بالأطنان .
أخر العلاج الكي , ما لم تحقق سالفة الذكر أي نتائج إيجابية , يكون التوجه للعصيان المدني والاعتصامات هو طريقنا السلمي لتغيير حكومة الفشل والضياع وإزاحة أدواتها .
جمدوا كل خلافاتكم ومشاريعكم لأنها قابلة للتأجيل أو التجميد , أما مصالح الشعب وحقوقه أجعلوها في سلم أولوياتكم ومطالبكم , لأنها غير قابلة للتأجيل أو التجميد أو المماطلة والتسويف.