حين تسقط الأقدار، الغدر..!
خالد شوبه
فجعنا الأسبوع الماضي بالهجوم الإرهابي الغادر، الذي تعرضت له قوة سعودية خاصة تابعة لقيادة التحالف الع...
لم أكن أتصور أو أتخيل كل هذا الحقد بقلب الرئيس هادي علينا نحن معشر اليمنيين الجنوبيين وعلى أرضنا الغالية , كل ذلك الحقد كان نتيجة خروجه من عدن أثناء أحداث 13 يناير 1986م متجها إلى شمال اليمن وتحديدا لصنعاء , عاد الرجل منتقما في صيف 94 على متن دبابة علي عبدالله صالح مقتحما مدينة عدن بكل فخر و إعتزاز وسلمها لعفاش يعيث فيها ظلما وجورا , هذه هي شخصية و طبيعة و سلوك الرئيس هادي الحقيقية , حزب الإصلاح له اليد الطولى في قرارات الرئيس وهذا مما لاشك فيه ولكن يحدث ذلك برغبة جامحة من الرئيس الذي مازال يتذكر ماضي يناير .
تغيرت الارض وحتى معالمها و تغيرت الناس وحتى طبائعها و تغيرت الأحزاب وحتى برامجها و تحالفاتها ولم يتغير الرئيس هادي أبدا وكأن عجلة التأريخ قد توقفت عند هذا الرجل , لو كان الرئيس هادي جاد بحل القضية الجنوبية حلا عادل ماكان ليختار موميات و كومبارس ليمثلوا القضية الجنوبية بمؤتمر الحوار الوطني بصنعاء وكان ذلك العمل بسبب حقده الدفين أيضآ , رغم خروجه من صنعاء هاربا بعد السماح للمليشيات الانقلابية بالسيطرة على العاصمة صنعاء ولم يسمي ذلك بالإنقلاب على شرعيته مطلقا , بل وقع معهم و بحضور وتوقيع أحزاب الخراب المشترك إتفاقية السلم و الشراكة وبهذا أعطى الصفة القانونية للمليشيات الانقلابية كشريك أساسي و مهم بالسلطة , الرئيس هادي بغاية اللطف و الاحترام و التواضع مع الشماليين .
عاد الرئيس هادي لعدن هاربا من صنعاء و إستعان بلجانه الشعبية وبوزير دفاعه الذي سلم صنعاء و ببعض من قبائل أبين و شبوة وغيرها لحماية عدن متجاوزا أبناء و أهل عدن الذين يرى فيهم عدم الثقة و القدرة على حماية مدينتهم , وعند غزوا عدن من قبل الحوثي و عفاش تخلت اللجان و القبائل المتواجدة بعدن عن الرئيس هادي و تركته وحيدا وولت هاربة إلى مناطقها محملة بكميات ضخمة من الأموال و السلاح و العتاد المنهوب من مستودعات جبل حديد ولم يتبقى مع الرئيس هادي بقصر المعاشيق سوى نجليه و حارسه الشخصي و مدير مكتبه و شخص أخر فقط حتى حرسه الخاص تركوه أيضآ , غادر الرئيس هادي عدن هاربا تاركا عدن والجنوب و الجنوبيين يواجهون ذلك الغزوا بدون سلاح ولا مال ولا حتى مواد غذائية تكفيهم لمواجهة ذلك المصير المجهول , من دعا للجهاد و القتال هم الاخوة السلفيين بقيادة الشيخ هاني بن بريك ثم ألتحق بهم بقية الشعب بكافة فئاته , فرج الله أتى بعاصفة الحزم وطوال تلك الفترة من القتال و الحصار كان الرئيس هادي الغائب الحاضر لما يحدث لنا في عدن والجنوب واليمن بصورة عامة , لم يخرج الرئيس هادي وهو بالعاصمة السعودية الرياض إلينا بأي رسالة أو حتى ببيان مؤازرة موجه إلينا ونحن بحالة حرب و حصار و تشريد و خوف و ذل و مرض ( حمى الضنك التي فتكت بالكثيرين مازالت خالدة بالذاكرة ) وكذلك صنع جميع من هربوا معه ظانين بأن الغلبة قد تكون لعفاش والحوثي كالمرات السابقة ولا يريدون التورط مع شعبهم من أجل عودتهم مرة أخرى للعمل مع السيد الجديد .
لم يشارك الرئيس حتى بنجليه في معارك التحرير أو أي من أقاربه أو من بطانته , أبناء عدن و أهلها هم من قاتلوا و صمدوا وضحوا بتضحيات لن ينساها التأريخ أبدآ , وكذلك أبناء يافع و الضالع وغيرهم , وكانت الضالع و أبنائها رمزا للبطولة والصمود كونها المنطقة الوحيدة في الجنوب التي قاومت مليشيات الحوثي وعفاش ورفضت عبروهم لغزوا عدن , أما باقي مناطق الجنوب فقد تركوا تلك المليشيات تمر مرور الكرام و لم يطلقوا طلقة رصاص واحدة على المليشيات الانقلابية بل هناك من سهل مرورها إلى عدن .
عاد الرئيس إلى عدن التي أعادته كرئيس شرعي وإلا لأصبح لاجئ ومن معه كلاجئين في عواصم الشتات , تحررت عدن بفضل من الله ثم المقاومة وبدعم و إسناد و مشاركة مباشرة من القوات الإماراتية بقيادة مملكة الحزم السعودية .
عاد الرئيس هادي لعدن وظننا بأن تلك الحروب و تلك التضحيات قد غيرت من ذلك الرجل وكنا مخطئين حتى هذه المرة أيضآ , عاد الرئيس مع حقده الأزلي الدفين على عدن و الجنوب و أعاد رجال عفاش من الجنوبيين إلى مناصبهم ليفسدوا بالأرض و يسومون هذا الشعب الجنوبي البطل بشتى أنواع العذاب من خلال إذلالهم للحصول على رواتبهم إلى حرمانهم من أبسط مقومات العيش الكريم من خدمات الماء والكهرباء و الصحة وغيرها , رغم ماقدمته دولة الإمارات العربية المتحدة من دعم لا محدود في كل مجالات الحياة بعدن و المناطق المحررة ولكن كانوا رجال هادي دائما ما يضعون العصا في عجلة الإمارات لإفشالها خدمة لاسيادهم في صنعاء .
كل قرارات الرئيس هادي و تعييناته كانت تصب في ضرب إستقرار و تنمية عدن و الجنوب , عين الرئيس هادي بعض المناضلين الجنوبيين كالقائد اللواء الزبيدي و اللواء شلال و اللواء أحمد سعيد بن بريك والخبجي و الجعدي وغيرهم في مناصب للقضاء عليهم و إزاحتهم من المشهد السياسي و العام , أتى أولئك الأبطال في مرحلة صعبة جدآ, بن بريك أتى بعد إستقالة المحافظ السابق الدكتور عادل باحميد الذي كان يشتكي دوما من عدم توفر الميزانية و إهمال الرئيس والحكومة لحضرموت, بن بريك إنتشل حضرموت من وضعها المأساوي إقتصاديا و أمنيا وبدعم لا محدود من الإمارات .
وكذلك صنع الزبيدي و شلال رغم بعض الإخفاقات في المجال الإداري و الأمني ولكنهما كانا رجال المرحلة الصعبة جدآ والحرجة , قدموا الاخوة أبناء الضالع تضحيات كبيرة في سبيل حماية عدن و إعادتها للحياة مرة أخرى بعدما يأس الكثيرين منا بسبب ذلك الوضع الكارثي المزري , بينما كان الاخرين خائفين جبناء في فنادقهم و قراهم وبيوتهم , تناسى الرئيس هادي ما قدموه أولئك الأبطال فخطط و دبر ليلا للقضاء عليهم و إزاحتهم من خلال قرارات الإقالة الجماعية والتي تستهدف دائما الأبطال و الشرفاء و تستثني الفاسدين والعفاشيين بسبب حقده الدفين أيضآ , ولكن هذا المرة لن تستسلم ولن ترضخ تلك الهامات الوطنية للقرارات الرئاسية التعسفية الظالمة الجائرة .