كاتب و محلل سياسي

الرئيس هادي و حقده الدفين

لم أكن أتصور أو أتخيل كل هذا الحقد بقلب الرئيس هادي علينا نحن معشر اليمنيين الجنوبيين وعلى أرضنا الغالية , كل ذلك الحقد كان نتيجة خروجه من عدن أثناء أحداث 13 يناير 1986م متجها إلى شمال اليمن وتحديدا لصنعاء , عاد الرجل منتقما في صيف 94 على متن دبابة علي عبدالله صالح مقتحما مدينة عدن بكل فخر و إعتزاز وسلمها لعفاش يعيث فيها ظلما وجورا , هذه هي شخصية و طبيعة و سلوك الرئيس هادي الحقيقية , حزب الإصلاح له اليد الطولى في قرارات الرئيس وهذا مما لاشك فيه ولكن يحدث ذلك برغبة جامحة من الرئيس الذي مازال يتذكر ماضي يناير .


تغيرت الارض وحتى معالمها و تغيرت الناس وحتى طبائعها و تغيرت الأحزاب وحتى برامجها و تحالفاتها ولم يتغير الرئيس هادي أبدا وكأن عجلة التأريخ قد توقفت عند هذا الرجل , لو كان الرئيس هادي جاد بحل القضية الجنوبية حلا عادل ماكان ليختار موميات و كومبارس ليمثلوا القضية الجنوبية بمؤتمر الحوار الوطني بصنعاء وكان ذلك العمل بسبب حقده الدفين أيضآ , رغم خروجه من صنعاء هاربا بعد السماح للمليشيات الانقلابية بالسيطرة على العاصمة صنعاء ولم يسمي ذلك بالإنقلاب على شرعيته مطلقا , بل وقع معهم و بحضور وتوقيع أحزاب الخراب المشترك إتفاقية السلم و الشراكة وبهذا أعطى الصفة القانونية للمليشيات الانقلابية كشريك أساسي و مهم بالسلطة , الرئيس هادي بغاية اللطف و الاحترام و التواضع مع الشماليين .

عاد الرئيس هادي لعدن هاربا من صنعاء و إستعان بلجانه الشعبية وبوزير دفاعه الذي سلم صنعاء و ببعض من قبائل أبين و شبوة وغيرها لحماية عدن متجاوزا أبناء و أهل عدن الذين يرى فيهم عدم الثقة و القدرة على حماية مدينتهم , وعند غزوا عدن من قبل الحوثي و عفاش تخلت اللجان و القبائل المتواجدة بعدن عن الرئيس هادي و تركته وحيدا وولت هاربة إلى مناطقها محملة بكميات ضخمة من الأموال و السلاح و العتاد المنهوب من مستودعات جبل حديد ولم يتبقى مع الرئيس هادي بقصر المعاشيق سوى نجليه و حارسه الشخصي و مدير مكتبه و شخص أخر فقط حتى حرسه الخاص تركوه أيضآ , غادر الرئيس هادي عدن هاربا تاركا عدن والجنوب و الجنوبيين يواجهون ذلك الغزوا بدون سلاح ولا مال ولا حتى مواد غذائية تكفيهم لمواجهة ذلك المصير المجهول , من دعا للجهاد و القتال هم الاخوة السلفيين بقيادة الشيخ هاني بن بريك ثم ألتحق بهم بقية الشعب بكافة فئاته , فرج الله أتى بعاصفة الحزم وطوال تلك الفترة من القتال و الحصار كان الرئيس هادي الغائب الحاضر لما يحدث لنا في عدن والجنوب واليمن بصورة عامة , لم يخرج الرئيس هادي وهو بالعاصمة السعودية الرياض إلينا بأي رسالة أو حتى ببيان مؤازرة موجه إلينا ونحن بحالة حرب و حصار و تشريد و خوف و ذل و مرض ( حمى الضنك التي فتكت بالكثيرين مازالت خالدة بالذاكرة ) وكذلك صنع جميع من هربوا معه ظانين بأن الغلبة قد تكون لعفاش والحوثي كالمرات السابقة ولا يريدون التورط مع شعبهم من أجل عودتهم مرة أخرى للعمل مع السيد الجديد .

لم يشارك الرئيس حتى بنجليه في معارك التحرير أو أي من أقاربه أو من بطانته , أبناء عدن و أهلها هم من قاتلوا و صمدوا وضحوا بتضحيات لن ينساها التأريخ أبدآ , وكذلك أبناء يافع و الضالع وغيرهم , وكانت الضالع و أبنائها رمزا للبطولة والصمود كونها المنطقة الوحيدة في الجنوب التي قاومت مليشيات الحوثي وعفاش ورفضت عبروهم لغزوا عدن , أما باقي مناطق الجنوب فقد تركوا تلك المليشيات تمر مرور الكرام و لم يطلقوا طلقة رصاص واحدة على المليشيات الانقلابية بل هناك من سهل مرورها إلى عدن .

عاد الرئيس إلى عدن التي أعادته كرئيس شرعي وإلا لأصبح لاجئ ومن معه كلاجئين في عواصم الشتات , تحررت عدن بفضل من الله ثم المقاومة وبدعم و إسناد و مشاركة مباشرة من القوات الإماراتية بقيادة مملكة الحزم السعودية .

عاد الرئيس هادي لعدن وظننا بأن تلك الحروب و تلك التضحيات قد غيرت من ذلك الرجل وكنا مخطئين حتى هذه المرة أيضآ , عاد الرئيس مع حقده الأزلي الدفين على عدن و الجنوب و أعاد رجال عفاش من الجنوبيين إلى مناصبهم ليفسدوا بالأرض و يسومون هذا الشعب الجنوبي البطل بشتى أنواع العذاب من خلال إذلالهم للحصول على رواتبهم إلى حرمانهم من أبسط مقومات العيش الكريم من خدمات الماء والكهرباء و الصحة وغيرها , رغم ماقدمته دولة الإمارات العربية المتحدة من دعم لا محدود في كل مجالات الحياة بعدن و المناطق المحررة ولكن كانوا رجال هادي دائما ما يضعون العصا في عجلة الإمارات لإفشالها خدمة لاسيادهم في صنعاء .

كل قرارات الرئيس هادي و تعييناته كانت تصب في ضرب إستقرار و تنمية عدن و الجنوب , عين الرئيس هادي بعض المناضلين الجنوبيين كالقائد اللواء الزبيدي و اللواء شلال و اللواء أحمد سعيد بن بريك والخبجي و الجعدي وغيرهم في مناصب للقضاء عليهم و إزاحتهم من المشهد السياسي و العام , أتى أولئك الأبطال في مرحلة صعبة جدآ, بن بريك أتى بعد إستقالة المحافظ السابق الدكتور عادل باحميد الذي كان يشتكي دوما من عدم توفر الميزانية و إهمال الرئيس والحكومة لحضرموت, بن بريك إنتشل حضرموت من وضعها المأساوي إقتصاديا و أمنيا وبدعم لا محدود من الإمارات .

وكذلك صنع الزبيدي و شلال رغم بعض الإخفاقات في المجال الإداري و الأمني ولكنهما كانا رجال المرحلة الصعبة جدآ والحرجة , قدموا الاخوة أبناء الضالع تضحيات كبيرة في سبيل حماية عدن و إعادتها للحياة مرة أخرى بعدما يأس الكثيرين منا بسبب ذلك الوضع الكارثي المزري , بينما كان الاخرين خائفين جبناء في فنادقهم و قراهم وبيوتهم , تناسى الرئيس هادي ما قدموه أولئك الأبطال فخطط و دبر ليلا للقضاء عليهم و إزاحتهم من خلال قرارات الإقالة الجماعية والتي تستهدف دائما الأبطال و الشرفاء و تستثني الفاسدين والعفاشيين بسبب حقده الدفين أيضآ , ولكن هذا المرة لن تستسلم ولن ترضخ تلك الهامات الوطنية للقرارات الرئاسية التعسفية الظالمة الجائرة .

مقالات الكاتب