حين تسقط الأقدار، الغدر..!
خالد شوبه
فجعنا الأسبوع الماضي بالهجوم الإرهابي الغادر، الذي تعرضت له قوة سعودية خاصة تابعة لقيادة التحالف الع...
كان قرار نقل البنك المركزي من صنعاء لعدن قرارا كارثيا رغم تهليلنا له في بادئ الأمر , وتم نقل مقر البنك المركزي لعدن بعد ضغوط كبيرة مورست على البنك الدولي و الدول الرافضة لنقله , وكانت هناك شروط لنقل البنك منها حيادية البنك و عدم التدخل بشؤونه بصورة تعرقل عمله و الحفاظ على الإيرادات العامه وهذا كان أهم سبب لنقل البنك من صنعاء لعدن بسبب إستنزاف و نهب الإيرادات و الودائع و المنح من قبل إنقلابيي صنعاء , والشرط المهم هو توفير الرواتب لعموم موظفي الجمهورية اليمنية , تلك الشروط الانفة الذكر لم يتحقق منها شرط واحد , ولهذا لم يتم دعم مركزي عدن بأي منح أو ودائع من العملة الأجنبية حتى يومنا هذا .
وبعد فوات الآوان كعادتنا ووصولنا متأخرين جدآ كالسابق , علمنا سبب الرفض الشديد من قبل دول العالم و البنوك العالمية التي كانت رافضة وبشدة نقل البنك المركزي لعدن , كانوا على علم بأننا لا نمتلك أي بنية تحتية أو حتى قاعدة بيانات أو كادر مؤهل لإدارة بنك مركزي لدولة , كانوا على علم بإمكانيات الرئيس الشرعي المتواضعة جدآ لقيادة اليمن بهكذا مرحلة صعبة و حرجة , كانوا على علم بقدرات الحكومة الغير متجانسة و المركبة من خليط عجيب و غريب من أشخاص البعض منهم لم يكن حتى موظف عام بدائرة حكومية و فجأة قد أصبح وزيرا أو سفيرا أو مدير عام تنفيذي لمرفق هام .
عدم إحترام قوانين البلاد الإدارية في القرارات و التعيينات و الترقيات هي من أوصلتنا لهذا الوضع المأساوي , إنتقدت في مقال سابق ذلك البيان السياسي لمجلس إدارة البنك المركزي اليمني المنعقد بالمملكة الاردنية الهاشمية والذي حمل التحالف مسؤولية عدم وصول باقي شحنات الأموال المطبوعة بروسيا , كان بيان سياسي وغير مهني مطلقا , ولم يخوض بأسباب عرقلة عمل البنك المركزي من قبل الحكومة الشرعية .
فوجئنا باليوم الثاني بالقعيطي و مجلسه الإداري الكارثي بإجتماع آخر يتمخض عنه قرار تعويم سعر الريال اليمني مقابل الدولار و غيره من العملات العربية و الأجنبية وبدون دراسة علمية أو عملية صحيحة تأخذ بعين الإعتبار وضع البلاد العسكري و السياسي و الإقتصادي , المشكلة ليست بمصطلح التعويم المتعارف عليه عالميا , والذي سيؤدي للحد من تضارب أسعار السوق السوداء و شحة العملة الأجنبية بالبنوك الحكومية و التجارية , فلننظر لتجربة جمهورية مصر العربية والتي يختلف وضعها الإقتصادي و السياسي عن وضعنا , فتعويم الجنيه المصري وفر سيولة نقدية أجنبية للبنوك و رجال الأعمال ولكن كانت الضريبة التي دفعها الشعب المصري باهظة الثمن من خلال الارتفاع الكبير بسعر الدولار من 9جنيه للدولار إلى 18جنيه للدولار بعد التعويم يعني زيادة 100% , بالطبع سينعكس ذلك على أسعار المواد الغذائية وغيرها بسبب فقدان الجنيه لقدرته الشرائية للنصف تقريبا .
سعر الدولار حاليآ بعد التعويم 377ريال للدولار بسوق العملة اليمنية وسينعكس تلقائيا على باقي البنوك التجارية , المشكلة ليست بسعر صرف الريال , المشكلة عندما يعتمد البنك المركزي اليمني بعدن السعر الجديد بي 377 ريال و بالطبع بعد فترة زمنية قصيرة سيرتفع لي 500ريال لانه سيخضع لعملية العرض و الطلب , والعرض أقل من الطلب الكبير بوقتنا الراهن , لا دولار في البنك المركزي و بقية البنوك الحكومية لدفعها بالسوق لتحافظ على عدم الإنهيار الكبير الوشيك القريب , توقف جميع المنشآت النفطية وغيرها التي كانت ترفد خزينة البنك المركزي بالعملة الأجنبية , سيضطر الصيارفة للرفع بصورة مستمرة لتحفيز و إغراء البائعين للعملة الأجنبية ليقوموا بعملية البيع لهم , و سيضطر البنك المركزي لمراجعة التسعيرة الرسمية بحسب السوق مجددا .
صباح هذا اليوم الموافق 2017/8/17م تضارب كبير بأسعار الدولار فهناك محل صرافة يشتري بي 372ريال و يبيع بي 378ريال , وهناك محل مجاور يشتري 377ريال و يبيع بي 379ريال , وهناك محل ثالث يشتري بي 375ريال ويبيع بي 385ريال وعندما تسألهم عن سبب هذا التضارب الغير منطقي بالاسعار يقولون نحن أحرار وهذا سوق , لم ننضج بعد لخوض مثل هذه التجربة الكبيرة و الخطيرة على مستقبل الفقراء , ولسنا حقل تجارب لتجاربكم و قراراتكم الكارثية الفاشلة , والمصيبة العظمى بنشرة أسعار الصرف الصادرة من قبل قطاع الرقابة على البنوك والموقعة من قبل الوكيل المختص لدى إدارة البنك المركزي اليمني بتاريخ 2017/8/15م و الموجهة للبنوك و شركات الصرافة التي تنص على سعر صرف الدولار بي 370ريال للشراء و 372 ريال للبيع , حتى هذه النشرة عمل غير مهني و مناقضة لقرار التعويم , فهنا قد عاد البنك المركزي اليمني المتخبط و الفاشل إداريا لتسعير صرف الدولار كما كان سابقا قبل قرار التعويم , لحد الان لم يمارس هذا القطاع المسمى بقطاع الرقابة على البنوك عمله المهني بالنزول للبنوك و شركات و محلات الصرافة للإشراف على تعويمه الكارثي.
المصيبة هي في إعتماد مصلحة الجمارك و الضرائب وغيرها من مرافق الدولة بالتسعيرة الجديدة وستقوم بعملية تغيير لتعرفتها الجمركية و الضريبية بإستمرار مع تغير سعر صرف الدولار , يعني سلمنا الاقتصاد و الشعب لمجموعة من الصيارفة , التغيير برسوم الجمارك مثلا من 250ريال لي 377ريال ستكون نسبة الزيادة بالرسوم أكثر من 45% تقريبا سيدفعها التاجر و سيضيفها 100% فوق قيمة بضائعه التي ستباع للمواطن الفقير ولا زيادة في الرواتب لمواجهة ذلك المصير المشؤوم .
المستفيذ الوحيد من عملية التعويم هو البنك المركزي و الحكومة فقط أما الشعب فهو أول ضحايا التعويم نتيجة لعدم قدرته على السباحة , ستستفيذ الحكومة من التعويم من خلال الزيادة بالايرادات بنسبة 45% والتي لا نعلم أين ستذهب هي أيضآ , يعني كان الغرض من التعويم جباية المواطن و إفقاره فقط , حكومة وبنك مركزي لم يتوانو لحظة عن إهدار المال العام و تبديد رواتب الموظفين , والان يعوموا الريال للبحث عن مزيد من السيولة لتمرير مشاريعهم .