فمن عفا و أصلح فأجره على الله

مازلنا نتابع قضية هرهرة وماتتناقله وسائل التواصل وأغلبها تقول أن حسين هرهرة يستحق القصاص العادل، كما نقرأ في الجانب الآخر عن جهود تبذل من قبل مشائخ ورجال مال واعمال للضغط على البكري كي يعفو ويصفح.

 

اخطأ هرهرة حينما ظن أن المال والسلطان سيحررانه وسيعتقانه وماعلم أن المال فتنة اوردته إلى المهالك فلا المال نفع ولا الحسب رفع ولا الواسطة شفع والقضاء قال كلمته وهكذا يوم القيامه إذ لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم وتذكروا قول الرسول الكريم يافاطمة بنت محمد إني لا أغني عنك من الله شيئا والامر بيد الله أولا واخيرا فإن كتب لهرهرة عمرا فسيسخر له في قلب البكري ويلينه وأن كان العمر قد نفد فسيكون أمر الله النافد فالنفس إذا جاء أجلها لا تستقدم ساعة واحدة ولا تستأخر وانما هذه التدخلات ومحاولات الشفاعة هي من باب العمل بالأسباب فقط وامر الله كله خير.

 

بلاشك إن هذه المحنة والاوقات العصيبة التي يمر بها البكري وهرهرة تزداد حدتها وشدتها ببدء العد التنازلي الذي اوشك على النهاية واقتراب موعد تنفيد الاعدام مما يجعل البكري يتعرض لضغط نفسي كبير بينما هرهرة يعيش بين اليأس والرجاء ويعد اصابعه ندما ووجعا، بالمناسبة لهرهرة عام كامل في سجنه فهل صام الشهرين المتتابعين التي هي حق الله ان تم القصاص.

 

ومازلنا نقول وجع البكري كبير جدا والحكم صدر لصالحه ولعله رغم الوجع والمصاب الجلل يعفو عن هرهرة وربما في اللحظات الأخيرة حين يكون الموت قاب قوسين أو ادنى من هرهرة يأتيه الفرج ويمهله الله كي يبدأ صفحة جديدة.

 

البكري متمسك بالنظام والقانون وبشرع الله فالقصاص حكم الله لقاتل العمد، وإن عتقه سيكون قد منح الرجل الفرصة للتوبة والتكفير عن جرمه.

ياجماعة حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات والمقصود انك تصلي وتصوم وتجاهد النفس للطاعات لتدخل الجنة اما النار فالنفس تريد المحرمات من غناء ولهو وفحش وربا وغش واحتيال ونهي عن المعروف والشهوات وحب الدنيا والتكبر والتجبر كلها تورد النفس للتهلكة.ولعل البكري يعفو وهو كاره ليس حبا في هرهرة وانما لوجه الله فمن عفا واصلح فأجره على الله.

 

ولعل هرهرة إن كتب الله له عمرا جديدا يصلح من شأنه مع نفسه ومع ربه فلقد تلقى درسا قاسيا لا يحسد عليه وإن سخر الله له ونجا من القصاص المحقق فستكون تلك معجزة ربانية عليه ان يحمد الله عليها ونعمة يجب عليه ان يؤدي حقها وليعلم ان من قتل نفسا متعمدا  غضب الله عليه ولعنه وجزؤه جهنم خالدا فيها ولعل هرهرة الذي اقسم مرات كثيرة لم يكن متعمدا اذ ليس من المعقول ولا من العرف ان يوجه آي رجل سلاحه لقتل طفلة انتقاما مهما كانت درجة الغيظ لكن العناد والنقس والشيطان ساقت ألأمور لما لا يحمد عقباه بسبب تافه لكنها مقادير الله المؤلمة.

 

عساه البكري يعفو ويصفح  ويترك أمر هرهرة لله وإن كان كاره ويحتسب ذلك لوجه الله فالعفو عند المقدرة عوضه عند الله كبير جدا وحنين بإذن الله في خير

وقبل الختام اذكر لكم قصة  رجل كان يتسلى بإن صدم أطفال أو بالاصح جراء طلبه لينظر كيف تعمل ويتلذذ بالمنظر فإذا به بعد سنوات يفجع بدهس سيارة لولده وهو ينظر حينما ارسله للبقالة في الجانب الآخر من الطريق، واخر كان بجمع الجبايات والضرائب فاعتدى بقدمه على صاحب مفرش فابتلاه الله وقصت قدمه.

 

قصة صاحب السمكة معروفة حينما اخذها على صياد دون وجه حق فإذا به تعضه عضه استئصلت على اثرها اصبعه ومن ثم كفه وانتقلت إلى ذراعه حتى نصحه الناصح بالتسامح من صاحب السمكة وإلا هلك جسده.

 

حقوق الناس لا تضيع فما بالكم بإزهاق الأنفس والهرهرة ربما فعلا لم يكن يعلم بحسب قسمه أو كان مغيبا وخارج التغطية ان كانوا اخبروه ان الطفلتين بالسيارة ولم يكن في وعيه فالله أعلم به وهو الذي يعلم خائنة الاعين وماتخفيه الصدور.

 

لا نقول للبكري سامح لأن المسامحة مصدرها القلب ولكن نقول له العفو عند المقدرة واحتساب اجر عتق الرقبة عند الله وترك امر حسين لله فهو به ادرى، استخر الله واجعل عملك خالصا لله وليس لاحراج فلان أو علان لأنه سيكون من باب الاحراج وليس من باب الأخلاص لله في عتق الرقبة ولعله ينقص الاجر.

 

ومازلنا نقول للبكري عامل الله فمن عفا واصلح فأجره على الله وحنين بإذن الله في نعيم مقيم ونكرر العفو لوجه الله واحتساب الأجر يكون بالاخلاص ولا يكون تحت ضغط الاحراجات فجميعهم يتسابقون لنيل الأجر الذي أنت لست في غنى عنه.

 

بقي ان أقول ان من تدخلوا لعتق الرقبة عليهم ان يخلصوا النية لبناء المشفى سواء عفا البكري أو تمسك  بحقه الشرعي نسأل الله ان يوفقه لما فيه الخير ويعينه ان ربي ولي ذلك والفادر عليه

وماتنسوا الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين

 

مقالات الكاتب