الحكومة الشرعية. . و أسباب تأجيل إقالتها

البعض قد يظن بأن عام 2018م سيختلف كثيرا عن باقي الأعوام السابقة من حيث الأداء الحكومي للشرعية , هذا الخليط الغريب و العجيب الغير متجانس للحكومة الشرعية هو السبب الرئيس بفشلها , جمعتهم المصالح الخاصة و الاستفراد بالقرارات الجمهورية و الوزارية و العسكرية لصالح الاطماع و الرغبات العائلية و الشللية و المناطقية  و العبث بالمال العام و النهب المنظم لخيرات و مقدرات البلاد , أولئك القوم و صلوا لقناعة تامة بأنه لا مكان لهم في مستقبل اليمن لا سياسيا و لا إداريا و خصوصا بعد الشروع بالعملية السياسية و إنتهاء الحرب التي باتت قاب قوسين أو أدنى من نهايتها   .
الكل متفق على فساد  و فشل الحكومة الشرعية من المجلس الإنتقالي  الجنوبي نزولا للمؤتمر الشعبي العام جناح الرئيس الراحل عفاش الرافض لفكرة قيادة الرئيس الشرعي هادي للمؤتمر الشعبي العام , إلى مليشيات أنصار الحوثي وصولا للدول الإقليمية  و الدولية , الجميع محبط من شرعية الفنادق و المتنزهات .
حكومة سيذكرها التأريخ كثيرآ و سيكتب عنها بأحرف من الخزي و العار فلم و لن نشاهد مثلها مرة أخرى , فطيلة الثلاثة الأعوام المنصرمة و ها نحن ندخل العام الرابع على عمر الحرب اليمنية و لم تستطيع هذه الحكومة أن تجتمع بكامل أعضائها لا خارجيا في منفاها الإختياري و لا حتى داخليا على أراضيها  المحررة  , حتى هذا المطلب صار بعيد جدآ و من المستحيلات  , 90% من الوزراء لا يمتلكون مكاتب لوزاراتهم في وطنهم , و لم يعقدوا إجتماعا واحدا بطواقمهم الوزارية في عدن أو خارج وطنهم  .
حكومة شرعية في وضع حرب و توقف تام لعجلة الاقتصاد و التنمية و مع هذا عدد الوزراء يفوق ال 32 وزير و عشرات النواب للوزراء و القادة العسكريين و المئات من الوكلاء و مدراء العموم و جيش جرار من المستشارين و الإعلاميين و المرافقين و السكرتارية و غيرها من المسميات العاطلة عن العمل , مئات الملايين من الدولارات من أموال بيع النفط الحضرمي ذهبت و تذهب رواتب و نفقات لذلك الجيش الشرعي المشرد بعواصم الشتات , ناهيك عن ألاموال الطائلة التي أنفقت عليهم من قبل دول التحالف .
نحن في بداية العام 2018م و كان أول اجتماع لرئيس الوزراء بن دغر مع حكومته غير مكتمل العدد و الذي لم يصل لنصف النصاب القانوني تقريبا إلا من بعض نواب الوزراء الحاضرين بدلا عن وزرائهم المهاجرين  , كان إجتماعا مأساويا و لم يناقش أزمة نفاذ الوقود الخانقة و توقف مشاريع الطرقات الكبيرة و الانهيار الكبير لقيمة الريال اليمني و غلاء الأسعار  , عن أي عام جديد سنتفائل أو سنتحدث عليه بإيجابية , عن أي صفحة جديدة سننتظر قرأتها بشغف تام في ظل وضع متكرر و محبط , نفس الشخوص و بنفس الطريقة و الآلية مازالوا يعملون و هل سننتظر منهم نتيجة مختلفة أو مغايرة عن نتائج الأعوام السابقة بالطبع لا .
أول و أكبر صفعة توجه لحكومة بن دغر في الأيام الاولى من هذا العام هي دخول باخرة تحمل أكثر من 41 ألف طن من مادة البنزين لميناء الزيت بالبريقة و قامت بتفريغ الشحنة بالكامل في خزانات مصفاة عدن لصالح التاجر العيسي أمام مرأى ومسمع وزير النفط الجديد , في كل دول العالم الرأسمالية و غيرها لا يسمح لأي  تاجر بإستيراد الوقود إلا بعد موافقة السلطات الرسمية و بعد الإتفاق على التسعيرة الرسمية التي ستحفظ حقوق التاجر و المستهلك .
أكبر كمية وصلت و بشحنة واحدة هي هذه الشحنة 41 الف طن  , هل كان يعلم العيسي بأن شركة أرامكو السعودية ستتأخر كثيرآ بتزويدنا بما تم الإتفاق عليه مع شركة نفط عدن 45 ألف طن ديزل و مثلها بنزين شهريا , الشحنة الكبيرة  التي حدد سعرها بي 6500 ريال للعشرين لتر بنزين بالطبع هي للسوق المحلية , و لماذا لا يفتح باب الاستيراد لباقي التجار  , الإتفاق مع أرامكو معناه بأن النفط الخام سيباع للخارج و لا أمل بإعادة تشغيل مصفاة عدن نهائيا , أرامكو ستبيعنا الوقود بالآجل و ليس كمنحة  .
أنا أجزم بأن السعودية و الإمارات غير راضية عن أداء هذه الحكومة التي فاقمت الأوضاع و زادتها سوء في مناطق محررة دفعت لتحريرها تضحيات جسام  , و جعلت من دول التحالف هدفا مباشرا للانتقادات الداخلية و الخارجية بسبب فساد و فشل هذه الحكومة  , لا نريد تورط دول التحالف بدعم هذه الحكومة التي تستنزف أموالها و أموال الشعب بطريقة كارثية و عبثية .
يجب على السعودية الكف عن إعطاء الحكومة الشرعية الأموال نقدا و بدون حسيب أو رقيب  , فهي لا تعلم بأنها فتحت بذلك أبواب كثيرة و كبيرة للفساد الرسمي و الذي أصبح يمارس أمام مرأى و مسمع الكل و بدون حياء يذكر , على السعودية تحويل تلك المبالغ للبنوك الرسمية و تصرف مباشرة للمستفيدين من خلال الكشوفات المعمدة من وزارة الخدمة المدنية و وزارة المالية فقط , و ان يتم التعاقد المباشر مع الشركات المنفذة للمشاريع و غيرها كما تفعل دولة الإمارات العربية المتحدة في عدن ورغيرها من المناطق المحررة ,  المال السائب مغري للسرقة  , و ما على الحكومة إلا تقديم طلباتها الضرورية للجانب السعودي من مشاريع كهرباء و مياة و صحة و تعليم و تأهيل البنية التحتية المتهالكة و هنا ينتهي دورها .
عدم إقالة بن دغر و وزرائه الذين أثبتت الايام و الأحداث بأنهم غير جديرين بتلك المناصب , يعتبر شيء محبط للغاية و تكريس للوضع المزري من فساد و فشل , و قد فاقم ذلك الوضع كثيرآ  من معاناة الشعب  .
كان من المقرر ان تغيير الحكومة الشرعية في بداية هذا العام و لكن و بسبب تسارع الأحداث و خسائر مليشيات الحوثي للمعارك و الأراضي و مقتل عفاش و فض الشراكة بينهما  , تلك الأسباب أدت لتأجيل إقالة الحكومة لدنو الحرب اليمنية من نهايتها و من غير المعقول تشكيل حكومة جديدة و يتم إقالتها بعد و قت قصير من تشكيلها  , على أن يتم تشكيل حكومة وحدة و طنية بكامل الصلاحيات بعيدا عن تدخلات هادي و الاحمر و التي ستدعو لإستكمال صياغة مسودة الدستور و الاستفتاء عليه و الدعوة لإجراء الانتخابات الرئاسية و النيابية .

مقالات الكاتب