وكيل وزارة الإعلام

14 أكتوبر .. صحيفة لا تموت

كان ذلك في أحد أيام الأسبوع الأول من عامي الدراسي للصف السابع الابتدائي وكان عمري حينها تقريباً 13 سنة عندما استدعاني مدير مدرسة الشهيد الدلالي بالتواهي الأستاذ القدير والرجل المهيب المرحوم عبدالرحمن حاجب وتفاجأت انه طلب مني أن أمر صباح كل يوم وقبل ذهابي إلى المدرسة لكشك بيع الصحف والمجلات القابع على ناصية الشارع الذي يفصل محطة الباصات عن مركز شرطة التواهي وأحضر صحيفة (14 أكتوبر) اليومية الرسمية حيث نقدني قيمة الصحيفة لما تبقى من أيام الأسبوع.
وفي اليوم التالي وعند وصولي إلى المدرسة وقبل ان يقرع جرس الطابور الصباحي اخبرني الأستاذ حاجب باني مكلف بقراءة عناوين أبرز الأخبار وفقرات منها كان يحددها لي اقرؤها في الاذاعة المدرسية في الطابور الصباحي قرابة شهر تقريباً وعندما احس بفطنتي تركني بنفسي أتولى تحديد الأخبار واختيار أين اتوقف في الخبر مراعاة لضيق الفترة الزمنية وبحسب ما أذكر كنا نكتفي بثلاثة إلى أربعة عناوين لأهم الاخبار والفقرة الأولى للخبر الرئيسي وأحياناً خبر آخر، وكان الاختيار خبراً سياسياً وخبرين اقتصاديين أو خبرين سياسيين وخبراً اقتصادياً والخبر الرابع كان عربياً أو دولياً، وغالباً ما تكون القضية الفلسطينية هي محور الاهتمام للخبر العربي أو الدولي.
هكذا تعرفت على صحيفة (14 أكتوبر) وبدأت علاقتي بها وبقراءة الصحف وقد كنت بدأت أطالع قصص الأطفال في السادسة بقراءة صحيحة وسليمة وبدأت علاقتي مع الكتاب في العاشرة من عمري وهي سن مبكرة بينما تأخرت في قراءة الصحف إلى سن الثالثة عشرة وكانت البداية والفترة طويلة مع (14 أكتوبر) التي كنت اخذها إلى منزلي اقرأها من الكلمة الأولى في الصفحة الأولى إلى الكلمة الأخيرة في الصفحة الأخيرة وأعيدها صباح اليوم التالي إلى مكتب مدير المدرسة.
فكانت صحيفة (14 أكتوبر) النافذة التي اطل منها على الأحداث الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واقرأ الأخبار الرياضية والمقالات الأدبية والقصائد والقصص القصيرة وكل ما يخطر على بال المرء أن يجده في صحيفة رسمية يومية كانت مركز جذب للكتاب والأدباء والاعلاميين ومدرسة صحفية تخرج منها عشرات الأسماء اللامعة ومنبراً صحفياً جلس على كرسي رئاسة تحريرها خيرة القيادات الصحفية والاعلامية ابتداءً من أول رئيس تحرير لها الشهيد المناضل المؤسس عبدالباري قاسم في 19 يناير 1968م وحتى رئيس تحريرها اليوم الأستاذ نجيب مقبل.
شريط الذكريات العابر هذا طاف بخيالي وأنا انتبه إلى ان صحيفة (14 أكتوبر) ستحتفل في 19 يناير 2018م بالعيد الذهبي لتأسيسها فقد مضت خمسون عاماً عليها  فيا لها من مناسبة جعلتني اخلط الخاص بالعام واستحضر محطات من حياتي المبكرة ما كنت اظن اني ساستحضرها، نعم كانت بداية اهتمامي بالصحافة من خلال العزيزة صحيفة (14 أكتوبر) ومنها انطلقت لقراءة المجلات الأسبوعية المحلية والعربية التي كانت تصل إلى ايدينا عبر المسافرين ومنها بدأت احجز نسخة شهرية من مجلة (العربي) التي كانت تباع في عدن، وبدأت أميز الفرق بين الصحيفة والمجلة والدوريات المتخصصة.
خمسون عاماً عمر صحيفة (14 أكتوبر) هذه الصحيفة التي تكبرني بعام واحد .. منذ تعرفت عليها وأنا في الثالثة عشرة من عمري ظللت متعلقاً بها ملازماً لها فكبرت أنا بالعمر وكبرت صحيفة (14 أكتوبر) هي الاخرى بالعمر ولكني وصلت أنا إلى النضوج والذي لا شك لايدوم فقريباً اشيخ بينما صحيفة (14 أكتوبر) كبرت وأزدهرت وكغيرها من الصحف العريقة المرتبطة بتاريخ الشعب والوطن لا تشيخ بل تتجذر ويقوى بنيانها فهي كالشجرة الباسقة ذات الجذور العميقة الضاربة في بطن الأرض.
تحية من القلب لصحيفة (14 أكتوبر) في عيدها الذهبي .. تحية لعمالها .. تحية لقيادتها .. تحية لصحيفة (14 أكتوبر) الصحيفة التي لا تموت.