أن يمارس الكذب والخداع والتظليل وبصورة علنية من قبل وزراء بالحكومة الشرعية فهذه سابقة خطيرة وإبتزاز رخيص لم تسبقها إليه أي حكومة من الحكومات اليمنية السابقة على مر التأريخ , وزير دولة يصرح بأن الرئيس هادي ممنوع من السفر وتحت الإقامة الجبرية بالعاصمة السعودية الرياض , ويأتي وزير أخر ليقول بأن الرئيس هادي ليس سفير بالرياض وعليه العودة إلى عدن , ووزير أخر يصرح بأن الإمارات هي من تعترض عودة الرئيس هادي إلى عدن , وهكذا يستمر مسلسل التصريحات غير المسؤولة وبعلم الرئيس شخصيا ولم تتخذ أي إجراءات عقابية رادعة ضد أولئك الوزراء .
قبل عدة أشهر رددت نفس تلك الإشاعات و التفاهات بإحتجاز الرئيس هادي بالرياض وبعدها غادر الرئيس هادي إلى ألمانيا للمشاركة بقمة عالمية وكانت المستشارة الألمانية ميركل بإستقباله , وكان بإمكانه طلب حق اللجوء السياسي بكل بساطة وكشف المستور إن كان هناك فعلا مستور يجب كشفه .
إلتقى الرئيس المؤقت هادي في الرياض بالرئيس الأمريكي ترامب عندما حضر الأخير للمشاركة بالقمة الخليجية الأمريكية وذهب لأمريكا لغرض العلاج وعاد للرياض , حضر الرئيس هادي قمة الرؤساء والزعماء بمقر الأمم المتحدة وألقى كلمته الشهيرة زقرنا سفينة إيرانية وعاد إلى الرياض وليس إلى عدن وكان يستقل طائرته الرئاسية الخاصة وبطاقمها اليمني , إلتقى ويلتقي الرئيس هادي بكبار مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية والبريطانية وغيرهم ولعشرات المرات ولم يشتكي أو يلمح بأنه معتقل أو تحت الإقامة الجبرية , يلتقي وبصورة مستمرة بجميع سفراء الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن وكان من السهولة أيضآ تقديم شكوى لهم بأنه محتجز ويرغب بالعودة إلى العاصمة عدن ليدير شؤون بلاده , كذلك ألتقى الرئيس المؤقت هادي بجميع مبوعوثي الأمين العام للأمم المتحدة في العاصمة الرياض ولم يناقش الرئيس معهم واقعة الاحتجاز أو حتى منعه من السفر .
هي عملية إبتزاز لا أقل ولا أكثر , والتلويح بها بإستمرار كان الغرض منها التذكير بأنهم يمتلكون هذه الورقة لاستخدامها مستقبلا مالم تنفذ السعودية رغباتهم المالية والرضوخ التام لقراراتهم الكارثية بالشأن اليمني , لماذا لا يغادر زعماء حزب الإصلاح وغيرهم السعودية إلى قطر أو تركيا أو أي دولة أخرى أو يصرحوا بذلك إعلاميا أو بتقديم شكوى للسفراء بإنهم ممنوعين من مغادرة العاصمة السعودية الرياض .
لأنهم وببساطة يعلمون بأن تلك الدول ستمنعهم من مزاولة العمل السياسي من داخل أراضيها ولن تقدم لهم شيكات على بياض أو تجعل من عواصمها ملاذ آمن للفاشلين والفاسدين والهاربين من وطنهم وقت الحروب والشدائد والأزمات .
الرئيس المؤقت هادي ونائبه ووزراء السبعة نجوم والزعماء وكثير من القادة لن يعودو لليمن للعيش بصورة دائمة , وإن عادوا فسيعودون كزائرين ولمدة محددة سلفا , وقد وصلوا لقناعة تامة بأنهم لا موقع لهم بعد الشروع بالتسوية السياسية القادمة , وخصوصا بعد بروز قوى محلية سياسية وعسكرية جديدة وهي أنصار الحوثي بالشمال والمجلس الإنتقالي الجنوبي في الجنوب , وتلك القوى قد غيرت من قواعد التحالفات وموازين القوى على الأرض اليمنية وجعلت دول الإقليم والعالم تعيد حساباتها ورسم خارطة تحالفاتها السياسية والعسكرية في اليمن .
على السعودية أن ترتقي سياسيا لتواكب وتواجه إبتزاز وسلوك الحكومة الشرعية اليمنية الفاشلة إن أرادت أن تصبح قوة إقليمية ودولية يحسب لها ألف حساب , والتصريح بأن للرئيس المؤقت هادي حرية العودة إلى العاصمة عدن على أن يوفر الرئيس لنفسه حمايته العسكرية ويتحمل مسؤولية الحفاظ عن حياته الشخصية .
لن يعود الرئيس المؤقت هادي إلى عدن إلا بزيارات خاطفة وقصيرة , وخصوصا بعد أحداث ال 30 من يناير وتلك الإشتباكات المسلحة العنيفة التي أدت إلى هزيمة جميع ألوية الحماية الرئاسية وبسرعة قياسية لم تتجاوز الساعات .