الكيانات الحراكية والانتقالي بين الماضي واستحقاق الحاضر

من المعلوم أن الحراك الجنوبي بدأ في عام 2007م وعلى إثر هذا تكونت على مدى سنوات عدد من الكيانات الحراكية الجنوبية التي تصدرت المشهد الحراكي خلال السنوات الماضية .
 وعلى الرغم من وحدة الهدف الذي تسعى إليه هذه الكيانات إلا أنها ظلت متفرقة وذات برامج مختلفة عن بعضها وفشلت في الوقت نفسه في أن تجتمع تحت حامل سياسي واحد وقيادة موحدة..
 ومن المسلم به أن هذه الكيانات كانت تحظى بشعبية واسعة لدى الجنوبيين في السنوات السابقة لنشأة المجلس الانتقالي، إلا أن هذه الشعبية تراجعت بصورة كبيرة جدا بعد تأسيس المجلس الانتقالي في مايو 2017م والذي استطاع أن يستقطب الكثير من القيادات في تلك المكونات السابقة بالإضافة إلى قيادات أخرى في أحزاب مختلفة ناهيك عن التأييد الشعبي الواسع الذي حظي به، ويحظى به باضطراد كبير خلال عمره القصير ..
 وفي هذه الأثناء أصبحت هذه الكيانات أشبه بالأطلال التي تفتقر إلى وجود القاعدة الشعبية التي تمثلها،، فلم تعد تلك المكونات سوى مجموعة من القيادات والبرامج مع القليل القليل ربما من المؤيدين والمناصرين...
ولا غرابة في هذا المصير الذي آلت إليه هذه المكونات الحراكية فإن الجماهير لم تعط أحدا صكا مطلقا بولائها ولا كتبت على نفسها العهود والمواثيق على اتباع كيان بعينه أو شخص لذاته، فالجماهير دوما تبحث عن الذي يحقق لها طموحاتها وآمالها ولا تهتم بالمسميات والأشخاص إلا بما تظهره من اهتمام وعمل في إطار القضية المنوطة بها...
ولاغروى أن ما حل بالكيانات السابقة للانتقالي يمكن أن يحل بالمجلس الانتقالي أو بغيره إذا رأى الناس بأن هذا المكون لم يلب طموحاتهم وتطلعاتهم .. 
ومما ينبغي إدراكه أن تمثيل الجماهير ما هو إلا استحقاق مرحلي بحسب المعطيات على الأرض،، ومن يستطيع أن يستحوذ على تأييد غالبية الجماهير فهو المخول بتمثيلهم ، وعلى المكونات الأخرى أن تقر وتعترف له بهذه المزية ، وأن تسعى جاهدة للتعاون معه بما ينفع القضية ومصلحة الجماهير ، وأن تبادر للإفادة بما لديها من برامج ونصائح يمكن أن تفيد في تقوية هذا المكون ودعمه وتقويمه،، لا أن تقوم في وجهه كمعارضة لسلطة قائمة في دولة مستقرة ، فإن هذا من الخطأ الظاهر وعدم تقدير الأمور كما ينبغي،، فلا الظروف الداخلية تسمح بذلك ولا الظروف الخارجية تساعد في ذلك ، ولا المرحلة تقتضي ذلك،،  فلكل زمان ما يناسبه . 
والظرف الحالي يستدعي تظافر الجهود والتقارب والتآزر والمساددة (سددوا وقاربوا)،، وليس هذا الوقت هو وقت المنافسة، لأن المنافسة تذهب القوة ، وتعطي الخصوم فرصة للانقضاض على المختلفين وتشوش على الناس في أمورهم وتفرق الصف..(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم..) الآية.
وعليه؛ فإن على جميع الكيانات الحراكية أن تدرك بأن المجلس الانتقالي- ككيان حراكي جنوبي- هو سيد هذه المرحلة شئنا أم أبينا ، وأن نجاحه واستمراره مصلحة يعود نفعها على الجميع ، وأن فشله مفسدة ضررها متعد على الجميع ، وأن اللحاق بالانتقالي خير من معاداته ومناهضته،،، وتصحيح أخطائه خير من إسقاطه.. 
لا تنتظروا أن يأتي قيادات الانتقالي إليكم ليفاوضوكم ولكن بادروا أنتم بذلك وأبرزوا ما لديكم من برامج وطنية يمكن أن تساهم في وحدة الجنوب وقوته ، وهذا أمر يحسب لكم،، وليكن أسوتكم في ذلك الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما الذي تنازل عن الخلافة والسلطة لمعاوية- رضي الله عنه- في سبيل وحدة المسلمين وجمع كلمتهم..
وفق الله الجميع لمرضاته وأصلح أحوالنا دينا ودنيا إنه القادر على ذلك ووليه، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه.