قل لي من تصاحب أقلك من تكون

* الصاحب ساحب مثل شعبي * :

كثيرون هم من يصادقون منحرفي الأخلاق و القيم و الفاسدين بل ويتفاخرون بتلك العلاقة العلنية المشبوهة مع الأسف الشديد ، وقليلون هم من يصادقون أصحاب الأخلاق الحميدة وقد يخجلون من أن يراهم أحد وهم بصحبتهم لكي لا يطلق عليهم وصف المتخلفين. 

 و البعض من المنحرفين يتصنعون النزاهة و الاستقامة لغرض خداع عامة الناس و لكن ما يخدعون إلا أنفسهم وسريعاً ما تنكشف تلك الوجوه و تظهر تلك الحقيقة التي حاولوا جاهدين إخفائها ، وإذا رأيت شخص مستقيم يقيم علاقات صداقة مع مشبوهين فأعلم أن له وجه أخر يخفيه خلف تلك الاستقامة .

و يتجلى بوضوح ذلك التناقض العجيب و الغريب بين أقوالهم و أفعالهم من غير خوف أو حياء ، *الصاحب ساحب* فعلاً إما أن يسحبك للخير و تصبح إنسان خيّر أو أن يسحبك للشر و تصبح من فريق الأشرار و أنت لك كامل الحرية في ذلك الاختيار .


وكما قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة و التسليم :
المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل .

*الصاحب ساحب* :
كثير من الأسر في عصرنا الراهن مع الأسف الشديد لا تدقق ولا تحقق في شخصية و نوعية أصدقاء أولادهم أو صديقات بناتهم وهذا خطأ فادح سيكون ثمنه باهظ جداً على الأسرة و المجتمع و الوطن لاحقاً .

وبعد فترة من الزمن ليست بالطويلة سنرى ثمرة تلك الصداقة الشيطانية من خلال التغيير الجذري في سلوك الأبناء و طريقة حياتهم وكذلك التغيير الذي سيطال حتى المظهر الخارجي من خلال نوعية الملابس و قصة الشعر وكل شيء وفي مدة وجيزة لتلك الصداقة الشيطانية الفاسدة .

أرجوكم لا تهدموا بيوتكم بأيديكم على رؤوسكم فأنتم ستكونون أول ضحايا ذلك السقوط ، لا تقول أن ولدك مستقيم ولا يحتاج للإشراف أو المراقبة فالهدم أسرع و أسهل من البناء و الإفساد أسهل كثيراً من الاصلاح .


ما الذي أصاب أولياء الأمور في هذا الزمان ففي السابق كانوا يتسابقون في تربية و تعليم أبنائهم على أكمل وجه و أفضل ما يكون ، حتى و إن كان ولي الامر منحرف سلوكياً أو فقير ماديا ولكن مع هذا كان حريص جداً على أن يربي أبنائه على القيم والفضيلة و الاستقامة ليكونوا أفضل منه .

كان أولياء أمورنا في السابق القريب يتسابقون ويتفاخرون بتعليم أبنائهم التعليم الصحيح ويبدأ ذلك التعليم من المسجد الكتاتيب ( المعلامة ) و يعطون للمعلم الضوء الأخضر في تربية و تعليم أبنائهم و تكملة أي نقص في التربية المنزلية ليكون أولئك الأبناء أنموذجا في العلم و الأخلاق و الان تطورت وسائل و أدوات التعليم ولكن مخرجات التعليم صفر تعليم صفر أخلاق إلا من رحم ربي .

نحن من تغيرنا فقط :
حقيقة مؤلمة ولكنها تظل حقيقة شئنا أم أبينا ، لم يتغير شكل الكرة الارضية منذ خلقها اللّه ولم تتغير تلك الكائنات التي خلقها الله من شجر و حجر و حيوانات بل حافظت على شكلها و نوعها و صفاتها و سلوكها كما خلقها الله سبحانه و تعالى على ذلك إلى يومنا هذا .

رغم تدخل البشر فيما يسمى بعملية الاستنساخ ولكنه ظل ذلك الكائن شبيه بوالديه و يحمل صفاتهم الوراثية الأزلية الربانية .
نحن معشر البشر من تغيرنا وغيرنا كل ماحولنا وإلى الاسوء طبعاً ولا تغرك النهضة العمرانية و التكنولوجية ، و أستبدلنا الجميل بالقبيح و الغث بالسمين و الحق بالباطل فلم نعُد نشبه أسلافنا الأوليين من حيت التحلي بتلك الصفات الحميدة من التراحم و الكرم و غيرها من السلوكيات التي إنقرضت و أصبحت من أساطير الأولين .

*قلي من أنت أقلك من نكون* :
أنا و أنت لبنات هذا المجتمع ، أنا و أنت لم نعُد نمثل ذلك الزمن الجميل المشرّف ولهذا لم نعُد نُحترم كالسابق حقيقة مُرة وواقع أليم نعيشه اليوم ، أنا و أنت غيرنا كل ما حولنا بواسطة تكنولوجيا لا تتوقف عن التطور اليومي وبناء ناطحات السحاب وغيرها ونسينا أن نبني الانسان دينيا و أخلاقياً والحفاظ عليه من الانقراض .

نسينا أنفسنا و تربية أبنائنا على القيم الاسلامية و العادات العربية الحميدة و تركناهم فريسة سهلة لوحوش التكنولوجيا العصرية ، ولم نعُد نحمل راية العلم و الفتوحات بل أصبحنا نحمل راية الفشل و النزوات ، لم نعُد نعلم من نحن وماذا نريد لأبنائنا و أوطاننا فقد أنحصر طموحنا في ذاتنا فقط و تجلت الروح الأنانية فينا بأبشع صورها على الإطلاق فضيعنا أنفسنا ووطننا في آن واحد .

مقالات الكاتب