السلفية بين الراديكالية وحركة التصحيح ..قراءة تحليلية الحلقة الأولى

لمحة تاريخية 

الإنسان متدين بغريزته فمنذ أن وطئت قدمه الأرض وهو يبحث عن الدين الذي يحل له الكثير من إستفساراته حول الكون وعالم ما وراء الطبيعة و وجد فيه متنفسآ لتخفيف ضغوط مادية الحياة والإضطهاد السياسي فقامت به وله الكثير من الحركات الدينية التي غيرت خارطة العالم وقادت الثورات العالمية وبنيت على أساسها النظم وسنت القوانين وشرعت الدساتير فكان البعض منها مثمرا أثرى الفكر الإنساني والأخر عقيم كان سببا لزوال الدول والحضارات .

عانت أوروبا في القرون الوسطى من إضطهاد الكنيسة الكاثلوكية وجرمت كل العلوم التي تزعم بإنها تخالف علم اللاهوت ومنعت تدريس الفلسفة والفلك والأحياء حكمت على جاليليوا بالإقامة الجبرية وعلى كوبرنيوكس بلإعدام حتى جاءت الحركة الدينية التصحيحية من قلب الكاثلوكية الراديكالية عبر القس مارتن لوثر كنج الراهب الكاثلوكية الذي أسس المذهب البروستانتي وخطب في إيطاليا معقل الكاثلوكية قائلا عبارته الشهيرة (( ليس بمقدور أحد أن يفكر عن الله فالله هو الله والبشر هم البشر ..لقد بدء عهد جديد ))
فعلا لقد بدء بعدها عصر جديد في أوروبا إنتقلت خلاله من ظلم الإقطاع الذي كان أغلب ريعه يذهب للكهنة وبدء عصر راس المال الحر والراسمالية العالمية التي غيرت وجه أوروبا !!!

هذه التجربة علمت العالم أن العيب ليس في الأديان ولكن في الفهم فكل الأديان جاءت لتسموا بلإنسان وأخلاقياته وتطلق أفكاره وحرياته لتصنع على الأرض فردوسآ يحاكي فردوس السماء فالخير والحق والجمال هي القيم الجوهرية لسائر الأديان ومادته الحب و وسيلة إدراكه التأمل والتدبر ((العلم )) وغايته محاكاة الكمال والإقتراب منه ..

لا يختلف جوهر الإسلام الحنيف كرسالة سماوية عن غيره من الأديان فقد جاء متممآ لها كما قال نبيه الكريم ((إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق ))
ومع ذلك حتى الإسلام لم يسلم من إنتهازية وغرضية بعض منتسبيه وإن كان قد صرف من تحريف النص فلم يسلم من إنحراف الفكر بالنص وحمل على غير موضعه ليغيب العقل مناط التكليف و وسيلة التأويل ويحل محله جمودية النص و واحدية التلقي ويختزل أفق واسع ومتسامح بمساحة عصبية تستعدي الأخر المختلف فهي لا تؤمن بالتنوع مادة الجمال وتنكر التعايش مادة الخير وترفض الإختلاف مادة الحق وقديمآ كان في الناس الإختلاف .

السلفية أكثر المناهج الأصولية إنتشارا في العالم السني المسلم وأكثرها إثارة للجدل في العالم أجمع فهل تعتبر السلفية مثالآ لراديكالية الفكر الأحادي أم هي حركة إسلامية تصحيحية تهدف إلى نهضة الأمة ؟! ماهي أفكارها ومصدرها ؟! وطرقها وأين تقف من قضايا العصر و منهجية البحث العلمي .،، وهل تنظر إلى العقل كأولوية هذا ما سنتناوله في الحلقة القادمة .