«السميساطية».. معلم حضاري يعبق بتاريخ دمشق

صدى الحقيقة : متابعات

كنوز أثرية تشعرك بالعظمة والرهبة، جوامع ومدارس وزوايا وتكايا يصل عمرها إلى مئات السنين، تبث في النفوس روحانية دمشق القديمة لتكون مركز إشعاع علمي أغنت الحضارة الإنسانية، وأسهمت بإبراز هوية دمشق الحضارية.

ومن هذه المعالم الأثرية، المدرسة السميساطية، التي تتكأ على الجامع الأموي من ناحيته الشمالية في منطقة عرفت بالكلاسة، وكانت بالأصل دار الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز، وأصبحت مدرسة اعتبرت الأهم في دمشق في العهدين الأيوبي والمملوكي.
يقول المستشار التوثيقي لوزارة الأوقاف، أستاذ العمارة الإسلامية الدكتور محمد معتز السبيني لـ«البيان»: إن السميساطية بالأساس كانت تعرف باسم الخانقاه السيمساطية.
وكلمة خانقاه استعملت في العصور التاريخية بكثرة، وهي تعني دار العبادة الذي ينقطع به العباد والزهاد، ويفرغون أنفسهم من شواغل الدنيا بهدف التجرد الكلي عن كل العوائق والعلائق، فكانوا يختلون في هذه الخوانق دون أن يتحملوا أية مسؤولية دنيوية مادية أو معنوية، يمارسون صلاتهم وصيامهم ويقرؤون القرآن الكريم ويشتغلون بالأذكار.
وأكد السبيني أن الخانقاه تشبه إلى حد كبير التكايا والزوايا إلا أنها قد تزيد عليهم بإقامة المجالس العلمية فتشبه حينئذ المدرسة.
لافتاً إلى أن السميساطية تعتبر من أشهر وأقدم الخانقاهات الدمشقية المتبقية، إذ ترجع إلى القرن الخامس الهجري فتاريخها يقرب من الألف عام وهو أمر لا يستهان به. وتابع السبيني: «تقع هذه الخانقاه شمال الجامع الأموي الكبير بدمشق، في محلة تعرف بالكلاسة عند باب الجامع على يمين الخارج منه، وكان يعرف تاريخياً بباب النّاطفانيين (نسبة إلى صناعة الناطف نوع من الحلويات وهو معروف بدمشق)».
وأوضح السبيني أن أصل المكان كان قصراً أموياً للأمير عبدالعزيز بن مروان بن الحكم. وقد آل هذا القصر عبر العصور إلى الرئيس الوجيه أبي القاسم علي بن محمد بن يحيى السلمي النسب السميساطي الأصل نزيل دمشق، لافتاً إلى أنه كان من أكابر الرؤساء بدمشق عالماً بالفلك والهيئة والهندسة.
ونسب السميساطي يعود الى سميساط وهي من مدن الأناضول التي تعرف بتركيا الآن، تقع غرب نهر الفرات جنوب ملطية، وكانت من ثغور الجزيرة الشامية (أقصى شمال سوريا)، ومنها تخرج الجيوش الإسلامية إلى بلاد الروم.
وأضاف: «العصر الأيوبي والمملوكي، اتخذت الخانقاه السميساطية مركزاً للتراس على كافة الخوانق بدمشق، ولقب شيخها بشيخ الشيوخ».
وتتميز المدارس الدمشقية بتصميم عمراني يكاد يكون ثابتاً، ومنها السميساطية، من حيث أقسامها الداخلية، والتي تتضمن على مدخل وصحن وغرف موزعة على محيط الصحن ووجود خزانة كتب كبيرة.