بعد انسحاب الإمارات .. السعودية أمام تحد بتعريف دورها في اليمن
التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن لم يعد كما كان، و انسحاب الإمارات بعد قطر يعكس تآكل بنيته السيا...
يعيد التوتر بين المماكة العربية السعودية ودولة الامارات العرية المتحدة التذكير بأن التفاهمات داخل المنظومة الخليجية ليست صلبة كما تبدو أحيانًا، إذ تراكمت التباينات بين دول الخليج خلال السنوات الماضية، وشملت ملفات سياسية واقتصادية، من النفوذ الإقليمي إلى التنافس على الاستثمارات والموانئ ومسارات التجارة والطاقة.
وتجربة الخلاف السعودي-القطري عام 2015 تُظهر أن مثل هذه التباينات نادرًا ما تبقى محصورة داخل الخليج، إذ امتد تأثيرها آنذاك إلى ملفات إقليمية عدة، من بينها الملف السوري، حيث انعكس تراجع وحدة الموقف الداعم للمعارضة على تماسكها الداخلي وعمّق الانقسامات، ما أضعف قدرتها على التأثير السياسي في مرحلة مفصلية من الثورة السورية.
ضمن هذا السياق، تبدو سوريا من أكثر الساحات القابلة للتأثر بأي توتر خليجي محتمل، بحكم تشابك المصالح الإقليمية والدولية على أراضيها، وتعدد الفاعلين المحليين، واستمرار غياب تسوية سياسية شاملة.
ورغم أن الخلاف السعودي-الإماراتي الحالي لم يصل إلى مستوى القطيعة، إلا أن انتقاله من تباين سياسي إلى ضغوط غير مباشرة أو تنافس على النفوذ قد يجد طريقه، بشكل أو بآخر، إلى الساحة السورية، سواء عبر التموضع السياسي أو عبر ملفات الاستثمار وإعادة الإعمار.
هنا، يبرز العامل الداخلي السوري بوصفه الأكثر أهمية. فبدل انتظار ما ستؤول إليه الخلافات الإقليمية، تبدو الحاجة ملحّة لترتيب البيت الداخلي وتقليص هامش التأثر بالخارج، عبر معالجة الملفات العالقة، وفي مقدمتها العلاقة مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، واحتواء التوتر في السويداء والساحل السوري، بما يعزز الاستقرار الداخلي ويحدّ من قابلية البلاد للتحول إلى ساحة تجاذب جديدة.
بالنسبة لسوريا، لا يتعلق الأمر بمَن يختلف مع مَن، بقدر ما يتعلق بمدى قدرتها على تجنّب أن تكون مرة أخرى ساحة تصفية حسابات لا تملك أدوات التأثير فيها.
وبينما تشير المعطيات إلى أن التوتر السعودي-الإماراتي الأخير يتجه نحو الاحتواء، فإن مسار الأحداث في المنطقة يذكّر بأن الخلافات غير المُدارة بعناية وتفاهمات حقيقية قد تفرض أثمانًا تتجاوز أطرافها المباشرين.