إعلان حالة الطوارئ وضوابطه في القانون الدولي ..؟

صدى الحقيقة : القاضي أنيس جمعان

حالة الطوارئ
State of Emergency


محور الدراسة:
(1) تعريف حالة الطوارئ
(2) إعلان حالة الطوارئ
(3) صلاحيّات إعلان حالة الطوارئ
(4) تبعات إعلان حالة الطوارئ
(5) ضوابط إعلان حالة الطوارئ في القانون الدولي

(1) تعريف حالة الطوارئ :
➖➖➖➖➖➖➖
▪️يمكن تعريف حالة الطوارئ (بالإنجليزية:State of Emergency)
هي مجموعةٌ من الإجراءات والـتدابير الـتي تتخذها سلطات دولةٍ معينة على المستوى الوطني أو في جزءٍ محددٍ من الدّولة، ويتمّ تطبيق هذه الحالة بهدف الحفاظ على النّظام العام وضبط الأمان إبّان وقوع أحداثٍ إستثنائيّة تُهدد الأمن والسلامة العامة، كأعمال الشغب، أو المظاهرات العارمة، أو هجماتٍ واسعة، أو كوارث، وهي حالة تخوّل الحكومة بالقيام بأعمال أو فرض سياسات لايُسمح لها عادةً القيامُ بها، وتستطيع الحكومة إعلان هذه الحالة أثناء الكوارث، أو حالات العصيان المدني، أو الصراعات والنزاعات المسلّحة بحيث تنبه المواطنين إلى تغيير سلوكهم الطبيعي وتأمر الجهات الحكومية بتنفيذ خطط طوارئ، وكذك  تعني فرض أحكام عرفية أو إستثنائية بموجب قانون طوارئ أو قوانين مؤقتة تسحب صلاحيات من السلطات الـتشريعية وتسندها إلى السلطات التنفيذية، وتشمل هذه الحالة فرض قوانين تقيد حرية الحركة كما في حالة أزمة كورونا ..

▪️حالة الطوارئ تعرّف بأنّها الحالة الـتي تتعرض فيه الدولة للخطر أو الكارثة، ممّايؤدّي إلى تعليق الإجراءات الدستورية العادية من قبل الحكومة؛ لإستعادة السيطرة، حيث يعلن حاكم أو رئيس الدولة حالة الطوارئ عندما يعتقد بأن هناك كارثة قد وقعت في الدولة، أو وشيكة الحدوث، وتتطلب هذه الكارثة مساعدة الدولة لدعم الموارد المحلية لمنع أو تخفيف الأضرار، والخسائر والمعاناة، حيث يسرّع إعلان رئيس الدولة مساعدة المجتمعات المحتاجة وتمكينها، من خلال توفير الموارد من أجل عمليات الإنقاذ، والإخلاء، والإيواء، وتوفير السلع الأساسية والضرورية، مثل: الأغذية، والوقود للـتدفئة، وقد تتطلب حالة الطوارئ طلب المساعدة الفيدرالية عندما لاتتمكن الدولة من السيطرة على الحالة، أو عندما تكون خارج نطاق مواردها ..

▪️حالة الطوارئ هي أيضاً عبارة عن حزمة تدابير وإجراءات تتخذها سلطات دولة على المستوى الوطني، أو في جزء معين من الحوزة الترابية للدولة، بهدف ضبط الأمن والحفاظ على النظام العام إثر وقوع أحداث إستثنائية تُهدد الأمن العام كمظاهرات عارمة، أو أعمال شغب واسعة النطاق، أو هجمات واسعة، أو كوارث أو نحو ذلك، وبمعنى آخر الطوارئ هي كل حالة تشكل خطراً فورياً على الصحة أو الحياة أو الملكية الشخصية أو البيئة، وتتطلب معظم حالات الطوارئ تدخلاً عاجلاً بهدف الحيلولة دون تفاقم الوضع، إلا أنه في بعض الحالات قد لايكون الـتخفيف منها ممكناً، ولاتتمكن هيئات الاستجابة للطوارئ إلا من تقديم رعاية ملطفة عقب وقوع الكارثة، وبالرغم من أن بعض حالات الطوارئ قد تكون بديهية (مثل الكوارث الطبيعية الـتي تهدد العديد من الأرواح)، فإن العديد منها الحوادث الصغرى تتطلب من المراقب (أو المتضرر) أن يقرر ما إذا أعتبرها حالة طوارئ، ويختلف الـتعريف الدقيق لحالة الطوارئ والهيئات المعنية بها والإجراءات المستخدمة خلالها بإختلاف البلد، وعادةً ماتحدد الحكومة هذه المتغيرات، وتكون هيئاتها (خدمات الطوارئ) هي المسؤولة عن تخطيط وإدارة الطوارئ ..

▪️لقد عانت الكـثير من الدول من حالات طورائ الـتي فرضت لـسنوات طويلة ضد الحريات، وقد تم بموجبها إعتقالات تعسفية دون أوامر قضائية وتهم ملموسة، ويأتي إعلان هذه الحالة عن طريق منح صلاحيّاتٍ استثنائيّةٍ للسلطاتِ الإداريّة وتحديداً لِرجال الشّرطة، بحيث تمنحهم صلاحية تقييد الحقوق الأساسيّة الجماعيّة والفرديّة وبعض الحريّات، كالحق في حريّة الـتّجمع والـتّظاهر، وحريّة الصحافة، وحريّة التنقّل، كذلك تقوم الدولة أو الحكومة أو مديري إدارة الطوارئ المحليين بإعلان حالة الطوارئ أثناء الأحداث المناخية الهامة، والكوارث الطبيعية، مما يسمح للوكالات الحكومية بالاستجابة بشكلٍ أسرع لاحتياجات المواطنين، ويتمتع المسؤولون الحكوميون بسلطات واسعة للتصدي لحالات الطوارئ بموجب السلطات القانونية الممنوحة لمراكزهم دون الإعلان رسمياً عن حالة الطوارئ، كما يُمكنهم من اتخاذ قرارات وتدابير لمواجهة الحالة الـتي أستدعت فرض أحكام الطوارئ في حالة الحروب وحصول كوارث وفرض الحجر الصحي، كما في حالة حالياً إنتشار الوباء كجائحة فيروس كورونا (COVID-19) ..

(2) إعلان حالة الطوارئ :
➖➖➖➖➖➖➖
▪️يتلخص إعلانُ حالة الطوارئ في منح صلاحيات إستثنائية للسلطات الإدارية، خاصة الشرطة الـتي تُخولها حالة الطوارئ المسَّ ببعض الحريات والحقوق الأساسية الفردية والجماعية، كالحق في الـتنقل وحرية الصحافة وحرية الـتظاهر والـتجمع، الحريات، وتتعدد الإشكالات المتعلقة بإعلان حالة الطوارئ ومنها الـتخوف من المس بالحريات واتخاذ الوضعية الاستثنائية السائدة ذريعة للتضييق على جهة أو شخص بسبب قناعاته السياسية أو العقدية أو لانتمائه الإثني أو نحو ذلك، حيث يمنح قانون الطوارئ سلطات واسعة للشرطة والأجهزة الأمنية، إذ يُمكنها مثلاً منع تجمعات وغلق مرافق عمومية ووضع أشخاص رهن الاقامة الجبرية إذا قدَّرت أنَّ حريته ربما تُخلُّ بالأمن العام، كما يُفوض قانون الطوارئ الشرطة صلاحية إجراء مداهمات لمنازل تشتبه بوجود خطر مافيها، وعادةً مايتواصل المسؤولون في حالات الطوارئ في الدولة أو المنطقة مع المواطنين من خلال وسائل الإعلام التقليدية، مثل: التلفاز، والصحف، والراديو، ومن خلال الإنترنت، وأنظمة الإنذار، ويتم الإعلان عن حالة الطوارئ في حال أعتقد المسؤولون بأنه يوجد كارثة قد وقعت، أو أنها وشيكة الحدوث بدرجة تتطلب مساعدة الدولة لاستخدام الموارد المحلية لمحاولة منع أو تخفيف الأضرار، أوالخسائر، أو المعاناة، أو المشقة، بحيث تعمل الدولة على توفير الموارد اللازمة لعمليات الإنقاذ، والإخلاء، وتوفير المأوى، والسلع الأساسية، مثل: التدفئة، والطعام، ويقوم الحاكم أو المسؤولين من إلغاء حالة الطوارئ عندما لاتعود الحاجة إلى توفير الدعم اللازم، أو إنتهاء الحالة الـتي تتطلبت إعلان حالة الطوارئ ، وتنتهي حالة الطوارئ عندما يعلن الحاكم أو المسؤول انتهاءها، وذلك عندما يكون الخطر قد زال، ولم تعد هناك حاجة للحفاظ على سلامة المقيمين، أو إجراء أعمال الطوارئ، وينتهي حظر السفر، أو حظر الـتجوال، وأي إجراء من الإجراءات الأخرى الـتي تم فرضها وتنفيذها ..

▪️يتضمن إعلان حالة الطوارئ تاريخ حالة الطوارئ، وفترة فعاليته، والمناطق الجغرافية الـتي تشملها، وشروطها، والوكالات المسؤولة عن إدارة الحالة، كما يمكن أن يحدد قواعد وإجراءات الدولة الـتي يتم التنازل عنها، أو تعليقها أثناء حالة الطوارئ، وقد يطلب من المسؤولين العمل على الحصول على موافقة تشريعية لفرض حالة الطوارئ في وقت معين بعد الإعلان، أو أن يتم الإعلان عن حالة الطوارئ لفترة زمنية محددة، ولكن يحتاج المسؤولون بعد ذلك إلى موافقة تشريعية لتجديد إعلان الطوارئ، ويحقّ لرئيس الدولة أو الحاكم إعلان حالة الطوارئ عندما تتعرّض البلاد لخطر أو حرب أو عند التأكّد من قرب حدوث خطر ما، وعلى أساس الإعلان يتمّ تسخير موارد الدولة المحليّة من أجل تقديم كافة المساعدات والخدمات المطلوبة للمحتاجين كتحضير الملاجئ، وإخلاء المناطق المتضررة، وتقديم المساعدات الطبية والغذائية، وتقديم الملابس والـتدفئة من أجل تخفيف المعاناة ومحاولة حصر الخسائر، ومن الممكن أن تضطر الدولة لطلب مساعدة دوليّة أو خارجيّة إذا كانت قواتها الداخليّة ومصادرها غير كافية لمواجهة الحالة الطارئة، وحسب طبيعة الدولة يتمّ تحديد نوع حالة الطوارئ الـتي يمكن أن تمرّ بها الدولة سواء كانت كارثة طبيعية أم نتيجة نزاع أم غيره وعلى أساس نوع الكارثة أو الخطر تُحدّد المصادر التي يمكن أن تُستغل، ويُسمح باستخدامها للسيطرة على الوضع، وفي حال كانت الدولة تتعرّض لأكثر من حالة طارئة، فتحتاج وجود أكثر من إعلان عن حالات الطوارئ المختلفة، كما يشار إلى أختلاف المصادر الـتي يُسمح باستخدامها، والقوانين الـتي يتمّ إيقاف العمل بها في الدولة، والأماكن الجغرافيّة الـتي تدخل ضمن الإعلان، ويتم إقرار الحاجة لإعلان قانون الطوارئ من الجهة الـتنفيذية في الدولة، مع ضرورة موافقة رئيس الدولة عليها والحصول على الموافقة من الجهة الـتشريعية على أنّ الدولة تحت قانون الطوارئ، وقد يستغرق ذلك 30 يوم ..

(3) صلاحيّات إعلان حالة الطوارئ :
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
▪️يُثير إعلان حالة الطوارئ عادة المخاوف بشأن الحريات والديمقراطية نظراً للصلاحيات الاستثنائية الـتي يمنحها للشرطة وأجهزة الأمن، مع مايُرافق ذلك من شدةٍ في القبضة الأمنية واحتمال وقوع تجاوزات، وفي ضوء ذلك، فإن بعض الحقوقيين يعتبرون أنَّ تطبيق حالة الطوارئ يجب أنْ يخضع لـتقييم دقيق وتشاورٍ واسع، حيث يمنح قانون الطوارئ سلطاتٍ واسعةٍ لأجهزةِ الأمن والشّرطة، بحيث يمكنها من غلق مرافق عموميّة، ومنع التجمعات، ووضع مجموعةٍ من الأفراد رهن الإقامةِ الجبريّة إنْ كانت حريتهم تعني الإخلال بالأمن العام، كما أنّ هذا القانون يفوض رجال الشرطة لإجراء مداهماتٍ لبيوتٍ يشتبه بوجودِ خطرٍ مافيها، بيد أن الحال مختلف في الدول غير الديمقراطية وخاصة البلدان المتخلفة، ففي بعض الأحيان تجد الأنظمة القمعية في حالة الطوارئ فسحة لـتشديد القبضة الأمنية وتصفية الحسابات السياسية مع الخصوم، وفي أحايين أخرى، تستندُ أنظمة إستبدادية إلى حالة الطوارئ للـتغطية على جرائمها في حق خصومها من خلال الـتسويق لمؤامرة كبرى تستهدف الدولة، وربما ربطتها بجهات أجنبية معادية ..

▪️هناك دول عديدة إضطرت في تاريخها لفرض حالة الطوارئ منها ديمقراطيات عريقة كدولة كندا حيث أعلنت فيها حالة الطوارئ ثلاث مرات، مرتين خلال الحربين العالميتين ومرة ثالـثة سنة 1970م في أقليم كويبيك بسبب أعمال عنف عرقية، وكذلك بريطانيا فرضت حالة الطوارئ بصورة مستمرة في أيرلندا الشمالية من عام 1921م إلى بداية تسعينات القرن الماضى حيث أنشات محاكم خاصة لمحاكمة المتورطين في أعمال العنف، وحتى الولايات المتحدة الامريكية قد أعلنت عدة مرات منها خلال الأعوام 1861-1865م خلال الحرب الاهلية وآخرها بعد العمليات الأرهابية في ايلول2001م ..

▪️اذ كانت الدول الديمقراطية تلجأ إلى فرض حالة الطوارئ لحماية مواطنيها، فإن دول أخرى دكتاتورية وشبه ديمقراطية تستعملها كادأت قمع ضد شعوبها أو شعوب أراض تحتلها لـتبرير إرهاب الدولة كما كان الحال في الفلبين من 1972-1981م، وتايوان من 1948-1991م وتفرضها الهند منذ سنة 1990م لقمع الشعب الكشميرى الخاضع للاحتلال الهندي وسلطات الإحتلال الاسرائيلية تستعملها كذريعة لتبرير إرهاب الدولة ضد الشعب الفلسطيني في الاراضي الفلسطينية المحتلة حيث يتم إحتجاز الاف الفلسطينين بدون محاكم، كحجز اداري ..

▪️يُعطي إعلان حالة الطوارئ الحكومة صلاحيات واسعة في تفويض الأجهزة الأمنية لمواجهة الأوضاع الطارئة، لكن مع ذلك توجد موانع تحول دون إستمرار الأوضاع إن لُوحظت تجاوزات أو منحى استبدادي حكومي يتكرس جراء حالة الطوارئ، وفور إعلان حالة الطوارئ في دولةٍ ما، فإنّ الحكومة تمنح صلاحيّاتٍ واسعة لرجال الشرطة والأجهزة الأمنيّة لمواجهة الأوضاع الطارئة، لكنْ بالرّغم من ذلك توجد العديد من الموانع التي تَحول دون إستمرار هذا الإعلان إنْ لوحظ أي تجاوزاتٍ، أو اتخاذ السلطة منحى إستبدادياً يتكرّس تحت ذريعة إعلان تلك الحالة، أما في الدول الديمقراطيّة فالرّئيس هو المخوّل بإعلان حالة الطوارئ، ولكن يتمّ هذا الإعلان لفترةٍ محدودة، بحيث يجب موافقة البرلمان في تلك الدّول إن أقتضت الحاجة لـتمديد تلك الفترة، وقد تمّ تحديدها في فرنسا على سبيل المثال لمدة اثني عشر يوماً من تاريخ إعلان الحالة من قبل رئيس الجمهوريّة، ويَمرُّ تمديدها بعد ذلك بموافقة البرلمان الفرنسي ..
 
▪️في فرنسا أعلنت حالة الطوارئ عقب وقوع هجمات باريس يوم 13 نوفمبر 2015م، وقد أستند الرئيس الفرنسي هولاند في قراره إلى قانونٍ يعود لعام 1955م، ومدد البرلمان حالة الطوارئ لـثلاثة أشهر بأغلبية ساحقة بعد ذلك بستة أيام، بيد أنَّ أحداث باريس لـيست إلا حلقة في مسلسل طويل من الأحداث بصمت تاريخ إعلان الطوارئ في فرنسا، ففي عام 1955م، سنّ قانون الطوارئ وطُبق إثرَ موجة هجماتٍ شنتها جبهة الـتحرير الوطنية الجزائرية، إبتداء من فاتح نوفمبر 1954م في إطار حرب الـتحرير ضدَّ الجيش الفرنسي في الجزائر وكذلك ضدَّ أهداف داخل الـتراب الفرنسي، وكان رئيس الحكومة حينها بيير منديس فرانس، بين خيارين هما سنُّ قانون الطوارئ أو فرض الأحكام العرفية الـتي يُؤطرها قانون ينص على إعلانها في حالة تمرد مسلح أو حرب تجري على جزء من الـتراب الوطني، ويُخول رئيس الدولة تفويض صلاحيات الإدارة المدنية والشرطة للجيش، لكنَّ منديس فرانس، وبعده إدغار فور، آثرا حالة الطوارئ الـتي دامت سبعة أشهر، ولقد شهدت فرنسا بعد ذلك فرض حالة الطوارئ إثر انقلابين فاشلين وقعا عامي 1958 و1961م، وكان دافعهما السعي لإبقاء الجزائر ضمنَ الدولة الفرنسية وعدم تصنيفها من أقاليم ماوراء البحار، وكانت قطاعات هامة من الـنخبة العسكرية الفرنسية ترى في إخراج الجزائر من وصاية وزارة الداخلية، وإدراجها ضمن أقاليم ماوراء البحار تمهيداً لاستقلالها، وفي ديسمبر 1984م، أعلنت حكومة فابيوس حالة الطوارئ في كاليدونيا الجديدة للـتصدي لأحداث شغب عارمة تخللتها دعوات للاستقلال، وفي عام 2005م، أَعلنت حكومة الـيمين حالة الطوارئ في ضواحي باريس ومدن أخرى مدفوعة بأحداث عارمة محركها الأبرز الـتهميش وفشل سياسات الدولة في مجال السكن والتشغيل والأندماج الإجتماعي لسكان الضواحي تحديداً ..

▪️لقد فرضت حالة الطوارئ في تركيا بعد المحاولة الأنقلابية الفاشلة في 15يوليو 2016م ، حيث أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر بموجب المادة 120 من الدستور، "بهدف القضاء على كافة العناصر التابعة للمنظمة الإرهابية"، في إشارة إلى منظمة فتح الله غولن، وفي سوريا مثلاً  فرضَ أيضاً  نظام حزب الـبعث حالة الطوارئ عند إستيلائه على السلطة عام 1963م وظل يُمددها نحو أربعة عقود تحت ذرائع مختلفة، قبل أن يرفعها عام 2012م بفضل الـثورة الـتي أندلعت ضده عام 2011م ..

▪️وفي مصر وجد الرئيس المصري السابق حسني مبارك في فرض حالة الطوارئ إثر اغتيال سلفه أنور السادات يوم 6 أكتوبر 1981م، فرصة لإرساءِ دعائم نظامه وإدامته، فأبقى عليها طيلة فترة حكمه الـتي دامت ثلاثين سنة، ولم تُرفع حالة الطوارئ إلاَّ ربيع 2012م، وفي أغسطس 2013م خلال المرحلة الإنتقالية التالية لانقلاب 3 يوليو الذي حدث بعد قيام مظاهرات 30 يونيو، قام الرئيس المؤقت عدلي منصور بإعادة العمل بقانون الطوارئ وفرض حالة الطوارىء لمدة شهر من تاريخه وذلك عقب قيام وزارة الداخلية بفض أعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وتم تمديد حالة الطوارئ خلال حكم الـسيسي أكثر من مرة كان آخرها يوم الخميس 25 أبريل 2019م وذلك لمدة ثلاثة أشهر ..

▪️وفي الجزائر لجأت السلطات لفرض حالة الطوارئ عام 1992م، لـيَتسنى لها إلغاء الانتخابات الـتشريعية الـتي أظهرت نتائجها فوزاً واسعاً للجبهة الإسلامية للإنقاذ، ودخلت البلاد إثر ذلك في دوامة من العنف السياسي أشتعلت جذوتها لأكثر من عقدٍ من الزمان، ولم تُرفع حالة الطوارئ إلاَّ عام 2011م ..

▪️وفي اليمن أعلن الرئيس علي عبد الله صالح حالة الطورائ في اليمن يوم الجمعة بتاريخ 18مارس2011م للمرة الثانية بعد الوحدة اليمنية حيث كانت المرة الأولى في منتصف مايو 1994م عندما اندلعت حرب 1994م الأهلية في الـيمن بين الشمال والجنوب، وقد أعلنت حالة الطوارئ في العاصمة صنعاء وعواصم المحافظات، وحظر الـتجوال بالأسلحة بعد أحداث جمعة الكرامة التي قتل فيها أكثر من 52 شخص، وقد أقر مجلس النواب اليمني باجماع الحاضرين فرض حالة الطوارئ في تاريخ 23 مارس 2011م، ولكن المعارضة اليمنية والنواب المستقلين والمستقيلين من حزب المؤتمر الحاكم طعنوا في شرعية حالة الطوارئ بسبب عدم وجود قانون طوارئ، وعدم اكتمال النصاب، الجدير بالذكر أن القانون الذي أستند إليه الـتصويت يعود إلى زمن جمهورية اليمن الشمالي (الجمهورية العربية اليمنية) الذي يعود لعام 1963م فيما قبل الوحدة مع الجنوب سنة 1990م، وهذا كما يذكر بعض المعارضين أنه نسف للوحدة اليمنية بالاستناد على قانون قبل الوحدة ..

(4) تبعات إعلان حالة الطوارئ :
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
▪️من تبعات إعلان حالة الطوارئ أن قانون الطوارئ هو قانون إستثنائي تصدره حكومات بعض الدول عندما تتعرض لحرب أو كارثة طبيعية أوصحية، كما الحال حالياً عند إنتشار وباء فيروس كورونا، أو تعتبر غير اعتيادية وخاصة سياسية تتعلق بنظام الحكم، والـتي تكون أوضاع الدولة فيها بعد حالة الطوارئ في الأتي:

(1) يتأثر عمل القضاء بشكل كبير في ظل حالة الطوارئ وذلك للخلل الذي يصيب قاعدة استقلالية القضاء، حيث تجعل الأوامر والقرارات التي تصدرها الدول في ظل قانون الطوارئ السلطة القضائية عرضه للـتدخل من قبل السلطات الأخرى ويظهر بشكل واضح استحواذ السلطة الـتنفيذية على بعض مهام السلطة القضائية ..

(2) في ظل إعلان حالة الطوارئ قد تهدر حقوق الأفراد وتكون عرضة للضياع فنجد الكثير من الأفراد يلقى القبض عليهم ويتم إيقافهم دون أن توجه لهم أي تهمة ولمدة طويلة في بعض الأحيان، منها تقييد حرية إنتقال الأفراد وحظر السفر. وغيرها، وبالتالي فأن قانون الطوارئ قد عمل على أضعاف وأنقاض حقوق مضمونة في ظل القوانين العادية عليه فأي قانون ينقص من هذه الضمانات للأفراد هو قانون إستثنائي مخالف للدستور ..

(3) السلطة تبدأ بمراقبة الصحف والمجلات ودور النشر والصحافة وتمارس عليها رقابة شديدة تصل إلى درجة إغلاق أماكن طبعها ومصادرة المطبوع منها ومنع بعضها من الصدور بحجج أنها تثير الإشاعات وتحرص على أعمال العنف أو تحرض ضد السلطة ..

(2) تتوقف الأعمال التجارية، بحيث لايتمّ فرض أي من السياسات على الأعمال والشركات الـتجارية في حالة الطوارئ من قبل الحكومة، ولكنّ هذا لايمنعها من فرض الإغلاق عليها في الحالات القصوى، خاصةً إذا لم يرسلوا الموظفين إلى منازلهم عند إعلان حالة الطوارئ ..

 (3) إغلاق المدارس والمعاهد والجامعات  التي يعتمد على درجة حالة الطورائ، وتستطيع كلّ منطقة التصرف تبعاً لهذه الحالة، فإمّا تقوم بالتأخير، أو إغلاق المدارس، أو تستمر بالتعلم ..
 
(5) ضوابط إعلان حالة الطوارئ في القانون الدولي :
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
▪️تناول القانون الدّولي إعلان حالة الطوارئ من خلال توقيع العهد الدّولي للحريّات السياسيّة والمدنيّة الصادر عام 1966م، وكان الشّرط الأساسي لإعلان حالة الطوارئ في حالة وجود خطرٍ إستثنائي عامٍ يُهدد الأمه، وكان الشرط أن يتمّ إعلان حالة الطوارئ بشكلٍ رسمي، بهدف منع إنتشار الممارسات الضارّة بالحريّات في أوقات لاتستوجب إعلان تلك الحالة في أوقات ليس لها طابع الاستثناء، ونص العهد الدولي للحقوق المدنية والحريات على ألا تكون الـتدابير المتخذة متعارضة مع التزامات الدولة المعنية بموجب القانون الدولي، كما حذَّر من أن تأخذ إجراءات الطوارئ نزعة تميزية قائمة على العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين، وقد نصت المادة الرابعة منه على ((في حالات الطوارئ الاستثنائية الـتي تهدد حياة الأمة والمعلن عن قيامها رسمياً يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ في أضيق الحدود الـتي يتطلبها الوضع تدابير لاتتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العراق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي))، ونصت الفقرة (1) من المادة (15) من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950 على ما يلي: ((في حالة الحرب أو الخطر العام الذي يهدد حياة الأمة يجوز لكل طرف سام متعاقد أن يتخذ تدابير تخالف الالتزامات المنصوص عليها في هذا الميثاق في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع وبشرط أن لاتتناقض هذه الـتدابير مع بقية الالتزامات المنبثقة عن القانون الدولي)) ..
 
▪️لقد عالج العهد الدولي في المادة (4/2) والمادة (27) من الاتفاقية الأمريكية والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان في المادة (15/2) حق الإنسان في الحياة والحق في عدم الـتعرض للتعذيب والمعاملة اللا إنسانية أو المشينة والعقوبة القاسية، تكون أكثر عرضة للانتهاك من غيرها فحق الإنسان في الحياة يتجلى في عدم تورط السلطة في إعدام الأشخاص تعسفاً أو خارج نطاق القانون، وهذه من الحقوق والالتزامات المتأصلة في معاهدات حقوق الإنسان الدولية، وتبرز هنا أهمية رجال القانون ومنظمات المجتمع المدني في رصد وإيقاف هذه الانتهاكات ومراقبة مدى تناسب أستعمال القوة مع الضمانات الواجب عدم تجاوزها، ويجب إعلان حالة الطوارئ في إطار العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية علناً، ويجب إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة وجميع الدول الأطراف الأخرى في العهد فوراً، لإعلان سبب حالة الطوارئ، وتاريخ بدء حالة الطوارئ، والـتقييدات التي قد تحدث، مع الإطار الزمني لحالة الطوارئ وتاريخ انتهاء الحالة المتوقّع، ولقد نصّ هذا العهد على ألا تكون التدابير الـتي يتم اتخاذها متعارضة مع التزامات الدّولة بموجب هذا القانون، كما حذّر القانون الدّولي من أنْ تأخذ إعلان حالة الطوارئ نزعةً تمييزيّةً على أساسِ اللون، أو العرق، أو الجنس، أو الدين، أو اللغة، وحذّر أيضاً من أنّ إعلان هذه الحالة يجب أن يتم في ضوء تقديرٍ موضوعيٍ ودقيق للأحداث، بحيث تكون التدابير المتخذة مناسبةً للوضعيّة القائمة دون أية مبالغة، وبموجب القانون الدولي، يجوز تعليق الحقوق والحريات أثناء حالة الطوارئ؛ على سبيل المثال تستطيع الحكومة تقييد الأشخاص وأحتجازهم دون محاكم، ترد جميع الحقوق الـتي يمكن عدم الـتقيد بها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، لايمكن تعليق الحقوق غير القابلة للـتقييد، وترد الحقوق غير القابلة للـتقييد في المادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ فهي تتضمن الحق في الحياة، والحق في الـتحرر من الحرمان الـتعسفي والاستعباد والـتعذيب وسوء المعاملة ..

المصادر:
(1) قانون الطوارئ - ويكيبييديا
(2) حالة الطوارئ - موقع موضوع كوم