بصمة حضور"

صدى الحقيقة: خاص
قصة قصيرة : عيشة صالح محمد 
 
ليلى تركض في الشارع نحو محطة الباصات، تركض مجازا، لسرعتها في المشي، تعاني منذ فترة من عقدة صباح الموظفات الأمهات، إعداد الفطور، تغيير حفاظات، شاي الصباح، إقناع زوجها بأن اليوم دوره في أخذ الطفلين إلى جدتهم، ربط كيس القمامة... تعديل الخمار خمس مرات حتى ترضى عنه في السادسة ثم تنطلق ... وجدت أول باص أمامها، دلفت فيه، جلست بجانب النافذة، دقيقتين وكان الباص ممتلئا.
لمحت شيئا ذهبيا يلمع بجانب حذائها، جال في خاطرها: "أيكون ذلك الشيء ذهبا، ليس ببعيد أن يكون خاتما أو فردة حلق" وبسرعة حركت قدمها فوقه قبل أن تلحظه المرأة الجالسة بجوارها. 
"سأنتظر حتى أصل فالتقطه أثناء نزولي، يبدو أن قيمته لا تقل عن مائة ألف، يااه سوف يحل كل مشاكلي، سأسد فم ابنة عمتي التي أذلتني بالعشرة آلاف التي أقرضتني، وسأتمكن من شراء بدلتين لطفلي، وعباءة وحذاء لي، وسأشتري لزوجي المسكين قميصا ونظارة بدل نظارته التي انكسرت ... لا لا يكفيه قميص فقط، بإمكان عينيه التحمل أكثر، لن تفي النقود بكل  شيء"
عندما وصل الباص إلى شارع قريب من محل مجوهرات، أوقفته والتقطت الشيء اللامع ونزلت، فتحت يدها "يالسعادتي، إنه خاتم كما توقعت، سأبيعه ثم أذهب إلى العمل، لا يهمني اليوم إن تأخرت، فلتذهب البصمة إلى الجحيم" 
- لو سمحت زن هذا الخاتم، وأخبرني كم سعره ( تحدثت مع الصائغ)
أخذ منها الخاتم وشرع يتفحصه، ثم قال لها:
- من أين أتيتِ بهذا الخاتم؟
- لماذا تسال؟
- لأنه ليس ذهبا.
- ماذا؟!
- كما سمعتِ، ليس ذهبا، مجرد قطعة معدنية لا تساوي خمسمائة ريال.
ألقت بالخاتم في حاوية قمامة، انتظرت باصا يقلها، وصلت إلى عملها متأخرة، لتتلقى خصم أجر يوم كامل.