صدى الحقيقة : متابعات
كتاب «المخطوط العربي» للأكاديمية السورية، الدكتورة بغداد عبد المنعم، جدير بالاطلاع، وجهد دقيق لتبيان طريقة تحويل المخطوط إلى كتاب مطبوع، يتطلب تطبيق جهود فنية وفكرية، من أجل تحقيق (ولادة جديدة) .
وفي زمن جديد، حتى يصبح المخطوط متاحاً للقراءة، ليس بوصفه كتاباً كأي كتاب، بل كتاباً مضغوطاً بطاقات بقيت كامنة بداخله لقرون طويلة. يعتمد هذا الكتاب على الكثير من المصادر والمراجع التي اعتمدت عليها المحققة د. بغداد، منها (إمتاع الأسماع للمقريزي) و(إنباط المياه الخفية للكرجي)، و(البيان والتبيين للجاحظ)، و(تاريخ الأدب العربي لبروكلمان)، وعشرات المصادر العربية والعالمية القديمة التي شهدت على قيمة هذا الكتاب، لعلمنا أن عملية النشر المطبعي، هي ما ستجعل المخطوط قابلاً للقراءة والبحث فيه من جديد.
التحقيق الذي قامت به المحققة د. بغداد، في هذا الكتاب، هو جهد تنظيمي محض، مهدت الكتاب لطباعته، ما جعله مستمراً وحيوياً، حيث يعلم الباحث أن نواة التراث العربي هي المخطوطات، أما ربط هذه المخطوطات كلها بالتحقيق، فسيحول التحقيق من كل المخطوطات العربية القديمة، إلى مشروع يسترجع هويتها، ويسترد حضورها البهي.
الجدير بالذكر، أن الكتاب يحمل الكثير من صور لمخطوطات نادرة كمثال للشرح والتعريف، تعود إلى أرشيف مخطوطات دار الكتب في أبوظبي، كما يوضح النص الموثق بداخله، تاريخ التحقيق وأصوله العربية العتيقة، بالإضافة إلى نظرية التحقيق من خلال المستشرقين، مع تبيان ظهور النحو والإسناد والإجازة والمكاتبة منذ منتصف القرن الهجري الأول.
وكيف ارتبط هذا التحقيق من خلال القرنين الماضيين بالطباعة التي باشر بها الغرب، في تحقيقه للنصوص بقصد طباعتها. كما يتبين للقارئ في هذا الكتاب، كيف تم تحقيق الخط نفسه وبملحقاته، مع تاريخ تطور الخط العربي بأسراره وانحناءاته، مروراً بالنقط والشكل وصُنع شجرة النُسخ، الشرعية منها وغير الشرعية، بإشكالاتها التقييمية، وتوضيح بعض الرموز في مخطوطات القرآن والحديث.
والباحثة والكاتبة د. بغداد عبد المنعم، خريجة جامعة حلب، وحاصلة على الدكتوراه من معهد التراث العربي العلمي في تاريخ الهندسة العربية والإسلامية. كتبت الكثير من المؤلفات المتعلقة بالتراث، فحصلت من الجامعة العربية على الجائزة الأولى في تحقيق التراث للمحققين الشباب منذ عام 1997 م، كما أن جهودها في تحقيق الكتب جلية ومتعددة، أما كتابها «المخطوط العربي»، فنشرته وطبعته من خلال دار الكتب بدائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي.