صدى الحقيقة : متابعات
أسئلة عديدة يعيد طرحها الكاتب إبراهيم عبدالرحمن في متن كتابه الجديد (الصراع بين الدولة المدنية والدولة الدينية) الصادر عن دار الفنون والأبحاث العلمية في القاهرة، أبرزها:
هل توقف طموح وسعي قيادات الإسلام السياسي لتأسيس وفرض دولة دينية على الجميع؟ هل تلقت الفكرة رصاصات الرحمة بعد إعلان كمال آتاتورك نهاية الخلافة العثمانية؟ أو لفظ الشعب المصري في ثورة 30 يونيو أخونة الهوية المصرية ومحاولات إضفاء القداسة على سياسات فاشلة وشيطنة كل من يعارضها بل وتكفيره؟
بذور
يحرص الكاتب على توثيق كتاباته مستنداً إلى مراجع متنوعة، حين يتناول تاريخ الدولة الدينية في مصر منذ دخول عمرو بن العاص حتى الاحتلال العثماني لمصر، ثم ينتقل -متبعاً نفس النهج العلمي الدقيق- لرصد نشأة الدولة المدنية في مصر ملقياً الضوء على فقدان مصر لاستقلالها سابقاً، ثم بزوغ فكرة الوطنية المصرية مجدداً.
وفي الوقت نفسه، نجده يمزج بين التوثيق والتحليل وإفادات وشهادات ذاتية لها دلالتها انطلاقاً من حي حلوان بجنوب القاهرة -الذي ولد المؤلف فيه- ويستفيد أيضاً من احتكاكه مع مفكرين مصريين وعرب من مشارب مختلفة لتأطير سرديته الفكرية.
حيث كان شاهداً على أكثر من جريمة إرهابية لجماعة الإخوان في الحي الهادئ، وقد نجح في توثيقها بشكل رشيق وموضوعي، مع تمكنه من أدوات الكتابة والبحث العلمي، حيث سبق له مراسلة مجلة روز اليوسف وترأس مجلة الجامعة بجانب دراسته للقانون وعمله في المحاماة.
موضوعات الكتاب لم تقتصر على تناول التجربة المصرية في المفاضلة بين الدولة المدنية والدولة الدينية التي لجأ مناصروها كثيراً إلى الإرهاب لفرضها على الجميع (شكل تنظيمات إرهابية تسعى سريعاً نحو دهس قواعد الدولة الوطنية، أحدثها «داعش»، وغيرها من التنظيمات المنبثقة عن جماعة الإخوان وفروعها).
حيث يشير إلى الحروب التي خاضها بابا روما ضد مخالفيه في أوروبا ومن أسماهم بـ«الهراطقة» لمخالفتهم له في الرأي وقتل فيها الآلاف من المسيحيين..مبيناً تفاصيل الحرب الطاحنة بين الدول الكاثوليكية وألمانيا البروتستاتنية.
حيث تسببتا في استفاقة العالم على كابوس كبير. ويبين مؤلف الكتاب، أن التيارات المحافظة في مصر في عهد الملك فؤاد سعت لوراثة الدولة العثمانية .. مرددة أن الخلافة تتوقف على إقامة الشعائر الدينية وصلاح الرعية.
إضاءات
ويستعرض الكاتب العلاقة بجماعة الإخوان والاكتشاف المبكر لعدم إمكانية تبني أفكار الجماعة، ورصد مرحلة الصراع الداخلي بين الجهاز السري للإخوان وما جرى من ممارسات خطرة.
2013
يقرأ الكتاب في وقائع ثورة الثلاثين من يونيو 2013 التي أطاح فيها المصريون بنظام حكم جماعة الإخوان بعد نحو عام من الوصول إليه، ويصفها إبراهيم عبدالرحمن بـ«ضربة قوية لمخططات استغلال الدين والإساءة إليه لضرب الدولة الوطنية المدنية في مصر». ويبين أنها كانت تعبر عن رفض مصر لإرهاب الجماعة، وتجلت فيها لحظات التماهي بين الجيش والشعب..مسقطة حكومة الإخوان ومشروع الدولة الدينية في مصر.