أبين : أسواق الجلب بين الماضي والحاضر

صدى الحقيقة : خالد البديلي

كان لأسواق المواشي (سوق الجلب ) في الماضي أصول وضوابط تنظم سير عملية البيع والشراء بهذه الأسواق، كما تجد لها أماكن محددة ومناسبة في كل المناطق، عكس ما نراه اليوم من انعدام لمثل ذلك النظام وضوابطه المتبعة قديمًا، وفقدان الأماكن المعدة والمناسبة لإتمام هذه العملية التي أصبحت تتم على الطرقات الرئيسة حتى شكلت عبئًا على المواطن في عرقلة حركة المواصلات ..


في هذا الجانب كانت لنا وقفة مع الحاج عبد الرب أحمد صالح بن فليس واحداً من أبرز وأقدم التجار الذين عملوا في بيع وشراء المواشي في حصن بن عطية ـ يافع الساحل ـ التقينا به قبل وفاته بعد أن ترك العمل بهذه المهنة وأصبح إمامًا لجامع الحصن الكبير، في المكان الذي يعتاد الجلوس فيه، عصرًا بجانب مكتب البلدية الذي توقف العمل فيه بالمنطقة منتصف الثمانينيات. 

 

مروياً لنا حكايته بقيامه بهذا العمل ومقارنًا بين وضع الأسواق في الماضي والحاضر قائلًا : ولدت في يافع جبل اليزيدي ( وادي تلب )عام 1940م، وكانت الحياة بشكل عام في يافع متخلفة للغاية وعلى أثر ذلك غادرت تلب في عام 1952م وعمري (12) سنة برفقة صهري المرحوم الحاج صالح عبد القوي الملعسي متجهًا إلى حصن عطية حيث كانت المنطقة آنذاك تشهد بداية نهضة زراعية ساعدت على انتعاش الحياة فيها وفتحت المجال أمام طالبي الرزق للتكسب ..

 

ووجدت نفسي أعمل مع صهري (الملعسي)رحمه الله في شراء المواشي وبيعها  أمَّا حيةً أو مذبوحةً على حسب قدرة المشتري .ومنها شقيت طريقي حتى أصبحت مستقلاً بذاتي ..


ويتابع حديثه قائلاً :كان موقع السوق في الفترة من عام 1955-1960م قائماً أمام جامع بن علوان من الجهة الشمالية ويستقبل الأغنام من منطقة الحصن وضواحيها كحلمة والميوح والشركة والرواء وعرشان. وكانت الأسواق بعيدة عن  الطرقات العامة في بقية المناطق كجعار وباتيس وغيرها من المناطق. أما أسعار الأغنام في ذلك الوقت  كانت حسب التالي :


سعر رأس الغنم الواحد (نقوة) عندما ينتقي المشتري بنفسه رأس الغنم، ب (عشرين شلن) ودون نقوة سعر الرأس الواحد (عشرة شلن ) وبالجبرة (الجملة) سعر الرأس الواحد (عشرة شلن) أيضًا ..ويواصل حديثه مبتسمًا للسوق أصول وضوابط تحكمه فالدلالون كان لهم أرقام يعرفون بها ولم يسمح لأحد بالعمل كدلال إلا بترخيص من البلدية ويدفع الدلال رسوم مقابل قيامه بهذه المهنة ويشتري الزبون الأغنام بواسطة الدلال وعلى ضماته ويعطي المشتري سند يحدد فيه قيمة الغنمة المشتراة ولونها ومواصفاتها ..

 

 فالماشية المسروقة ليس مكان لها في الأسواق القديمة، فمن السهل والطبيعي العثور عليها من سندات وسجلات الأسواق التي تؤرشف في مكاتب البلديات .. أمَّا في وقتنا الحاضر فحدث ولا حرج فحتى المواشي المسروقة تجد طريقها للبيع في مختلف أسواق الجلب.


وعن أوائل الأشخاص الذين امتهنوا الدلالة وبيع وشراء المواشي قال: البارزون في تلك الفترة بمنطقة الحصن  هم :
1ـ صالح عبد القوي الملعسي
2ـ محمد محسن العفيفي
3ـ عمر الدنس
4ـ صالح مبارك لقور
5ـ ناجي علي سلمان
كلهم توفاهم الله  


وكان يرتاد معنا سوق الأغنام المرحوم عبدالله أبو شنب والد أحمد وصالح المنتقلين إلى جعار بعد أن سكنوا الحصن قديماً كحال غيرهم من الأسر المنتقلة من الحصن لتحول إدارة السلطنة منها إلى جعار وانتعاش الحياة فيها ..
ومن جعار وباتيس ذكر :


1ـ عبد الله أبوشنب وأولاده أحمد وصالح 
2ـ يحيى علي مجمل وإخوانه سالم وسلمان
3ـ بلكم وأولاده
4ـ إبراهيم محمد المجلبي
5ـ محمد حسين البجيري
6ـ صالح خميس العولقي 
7ـ سعيد عمر حسن شعيب
8-الحاج يوسف بافقير
9- باحيدرة
10-حسين أحمد العقيلي
11-ناجي سالم شيخ ( برميل )
12-حسين حيدرة الجلادي
13-أحمد حسن عطاشة
14- ناصر عبد الله باعجير
عليهم رحمة الله ورضوانه .


واختتم حديثه متحسرًا على الوضع القائم لأسواق الجلب قائلًا: اليوم لا تجد مكان محدد للسوق ومكانه غير مناسب للبيع والشراء، كما أن الدلالين في عددهم يفوق عدد المشترين دون مراعاة الضوابط لهذه المهنة ..