العاطفة السياسية الإعلامية تدمر مجتمعنا

في إحدى المرات حدثني صديق عن جاره الذي أصيب في الحرب التي شنها الانقلابيون على عدن  وجلس مقعداً في البيت لا يجد قيمة الدواء .

ولان الاسرة عفيفة  قامت ببيع بعض ممتلكاتها لعلاج ابنهم الذي نصح الأطباء بعلاجه في الخارج .

وتمر الأيام تلو  الأيام والأسرة لا تجد قيمة الدواء  وضاق بهم الحال وبلغ السيل الزبى وقاموا بطرق أبواب المسؤولين لعل أحدهم يرحم جريحاً ضحى بشبابه لأجل الوطن الذي يعيش على ترابه ولكن لا حياة لمن تنادي .

كانت الجراح تتفاقم في جسد البطل وقام أحد أصدقائه بتصويره ونشر الصور على مواقع التواصل الإجتماعي والذي سبب حرجا للأسرة.

لكن مالم يكن متوقعاً فقد انتشرت الصور سريعاً كانتشار النار في الهشيم واذا في اليوم الرابع يتم ارسال المساعدات المالية ويأتي أحد المسؤولين في الدولة ومعه أحد الإعلاميين المرتزقة ليتكفل بعلاجه أمام الإعلام ويحب على رأس البطل ويقوم المرتزق بالتقاط صورة للمسؤول ويصفه بالبطل الإنساني ، مع ان هذا المسؤول رفض ان يمد له يد العون في السابق .

هكذا أصبحت عدن  الجريح يعالج بعد ان يشهّر به ،
والمظلوم يأخذ حقه بعد ان يراه المجتمع في وسائل التواصل الإجتماعي ، والظالم لا يأخذ جزاءه الا بعد ان يرى الناس ظلمه على مقطع فيديو .

عدن الإنسانية والمحبة والسلام أصبحت تقبع في سجن الميديا فالمسؤولون لايعملون الا وسط الكاميرات .

يروي لنا الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري ماحدث له مع  أشرف الخلق النبي صلى الله عليه وسلم عندما طلب منه ان يوليه على إماره قائلا :  قلت يا رسول الله ألا تستعملني فضرب بيده على منكبي ثم قال ( يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) رواه مسلم .

وكلنا نعلم المقولة الشهيرة للفاروق حين قال(  لو عثرت بغلة في العراق لحاسبني ربي عليها ) ..

في عيد الفطر  1438 هجرية وقعت حادثة شهيرة لرجال المرور الذين ينظمون حركة السير في ساحل جولدمور حيث قامت قوات مكافحة الإرهاب بالاعتداء عليهم بطريقة مذلة أمام جموع من الناس ولكن لم يحرك ساكناً للقضية الا بعد أربعة أيام بسبب مقطع فيديو  انتشر في جميع وسائل التواصل الإجتماعي ليدون كل ماحدث  .

وماهي الا أيام وتصدر عقوبة قاسية بحق من أهان رجال المرور والاعتذار لهم من قبل مدير الأمن .

لو لم يكن هناك فيديو مسجل للحادثة هل سيتم أخذ حق جنود المرور ؟ أترك لكم الاجابة ؟

وفي نفس العام وقعت حادثة السطو على البنك الأهلي من قبل عصابة ارهابية وكلنا شاهد الفيديو والبطولة  الوطنية والأولى من نوعها في حفظ المال العام يجسدها  للشهيد النقيب مدير البنك الأهلي .

الشاهد من القصة ان الشهيد النقيب ظل في المشفى أيام معدودة ولم نرى أحداً من المسؤولين يقوم  بزيارته تقديراً  للدور البطولي الذي قام به في الحفاظ على المال العام ، وحين انتشرت وفاته وأصبح الشهيد البطل في لسان كل مواطن ومواطنة ذهب رئيس الوزراء ليقدم لهم واجب العزاء واليوم التالي ذهب المحافظ ليقدم واجب العزاء  مع التقاط صور لكل منهم .

كل هذا الحركات العاطفية من المسؤولين لكي يقدمهم مرتزقة الميديا رجال الإنسانية لو لم تكن كاميرات في البنك هل سنرى رئيس الوزراء والمحافظ يقدمون واجب العزاء لأسرة الشهيد ؟
 أترك لكم الإجابة ؟

في عدن يوجد الاف من النقيب لكنهم لم يظهروا في الاعلام ليتم انصافهم من قبل مسؤولي الميديا الذي يتجارون بقضايا البسطاء  .

لا نريد ان نشهّر بالجرحى والمظلومين لاعطائهم حقوقهم نرجوا من الدولة العمل بامانة وان ياخذوا بحقها لانها يوم القيامة خزي وندامة .

مقالات الكاتب