كاتب و محلل سياسي

محاكم عدن .. وأحكامها الغير قابلة للتنفيذ

فعلا إنها مؤامرة مكتملة الأركان , وإستهداف واضح وصريح من قبل الشرعية اليمنية على عدم إستقرار و تطبيع الحياة بالمناطق المحررة في كل المجلات من دون إستثناء حتى القضاء .
ولكن أن يصل ذلك الاستهداف لأهم سلطة قد تلجى إليها جميع فئات المجتمع   بحثا عن العدل و إنصاف للحق وردا للمظالم , فتلك هي الكارثة  و أم المصائب وما دونها أولادها الصغار فقط .
تعطيل القضاء المتعمد في المناطق المحررة لأكثر من ثلاث سنوات , تارة متدرعين بالوضع الأمني و أخرى بالموازنات التشغيلية و الرواتب و عدم توفر مقرات ملائمة لعمل القضاة , وبالمقارنة نرى السلطة القضائية لحكومة الإنقلابيين تعمل بصورة طبيعية رغم الفارق المالي و الأمني و المعيشي و النفسي بين الشرعيين و الإنقلابيين , بل من المفارقة المحزنة الكارثية وبحسب تصريح رئيس المحكمة العليا القاضي حمود الهتار ووزير عدل الشرعية القاضي جمال عمر بأنهم يرسلون رواتب سلطة صنعاء القضائية بانتظام  من بنك عدن المركزي .
ولإمتصاص غضب الشعب وغليانه في المناطق المحررة تم تعيين رئيسا للمحكمة العليا في عدن بعد مطالبات متكررة , وتم تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى و التفتيش القضائي و النائب العام ووزيرا للعدل , كل تلك التعيينات لم تكن بوقت واحد ولكنها كانت متباعدة جدآ فيما بينها(بالقطارة ) .
وبعد فترة زمنية بعيدة حركة قضائية في محاكم عدن لتحريك المياه الراكدة بعد إنتظار طويل جدآ  , وتم صرف المليارات لإعادة تأهيل محاكم عدن  وإفتتاح المجمع القضائي , ولكن وإلى يومنا هذا لم تستقبل أو تفتح أي ملفات جنائية أو إرهابية وأقتصر العمل على القضايا المدنية و التوثيق فقط , حتى القضايا الجنائية القديمة التي حجزت للحكم لم يتم النطق بالأحكام فيها .
السبب يعود لقرار أتخذ سابقا بتعطيل القضاء بالمناطق المحررة , للتقاضي ثلاث درجات في المحاكم  , المحكمة الابتدائية وفيها قاضي واحد ينظر و يفصل بالقضايا إما بحكم أو قرار إذا كان المتهم قتل أو فارق الحياة  , بعدها محكمة الاستئناف وتسمى شعبة لان عدد القضاة الذين ينظرون بالقضية ثلاثة  , إلى هنا تتوفر تلك الدرجتين للسلطة القضائية الشرعية بعدن .
الخلل المتعمد يكمن بالمحكمة العليا للجمهورية   التي يجب أن تتكون من عدة دوائر منها المدنية و الجنائية و الدستورية و الإدارية وغيرها , ويتكون أعضاء دوائر المحكمة العليا للجمهورية من خمسة أعضاء لكل دائرة للفصل بالقضايا المنظورة أمامهم بإحكام أو قرارات نهائية واجبة التنفيذ .
لم تشكل تلك الدوائر حتى يومنا هذا , ولم نسمع من رئيس المحكمة العليا يصرح بضرورة إستكمال دوائر محكمته , كما أن التفتيش القضائي لا يمتلك مقر خاص به و طاقم متكامل للنزول للمحاكم لغرض التفتيش الدوري الفجائي على المحاكم و القضاة , وزير العدل أيضآ وزارته تحتوي على بضع موظفين بعدد أصابع اليدين ولا توجد بها تلك الإدارات و الأقسام المعروفة بكل وزارات العالم لتسيير شؤونها بصورة صحيحة وعملية و بمهنية , كل ذلك  يعني أن الشغل بعدن سفري بالمصطلح المحلي , مايحدث الان هو إساءة بالغة للقضاء و القضاة من قبل الحكومة الشرعية ولم يحدث ذلك سابقا  , و تدخل سافر للسلطة التنفيذية بشؤون السلطة القضائية لتعطيلها في المناطق المحررة .
الدليل على ما أسلفت ذكره و تحليله , هو لو تم الفصل بأي قضية  كانت مدنية أم جنائية أم إدارية وتقدم أحد المدعين بطلب إستئناف للحكم لدى محكمة الاستئناف , وبناء على قانون المرافعات  يتم تحويل الملف لمحكمة الإستئناف وتقوم بفتح باب النزاع مرة أخرى و تفصل بالقضية وإلى هنا لا مشكله بالأمر  , المشكلة تكمن لو تقدم أحد المدعين بطلب تحويل ملف القضية إلى  المحكمة العليا للجمهورية الشرعية وبهذا الطلب القانوني يوقف  تلك الأحكام الصادرة مؤقتا أكانت من المحاكم الإبتدائية أو الإستئناف لحين الفصل من قبل المحكمة العليا للجمهورية بحكم أو بقرار نهائي واجب التنفيذ .
والمحكمة العليا مازالت بدون دوائرها ولم يتم تعيين قضاة حتى الان  للبث بتلك القضايا  , سيتوقف تنفيذ الأحكام السابقة وسيحفض الملف لدى أرشيف المحكمة العليا للجمهورية إلى أجل غير مسمى , حتى بقضايا النفقة لحين تشكيل دوائرها التي ستنظر بتلك القضايا المرفوعة من الاستئناف للفصل النهائي بها .
فعلا إستهداف واضح و صريح ضد المناطق المحررة حتى في أبسط حقوقها وهو القضاء , يتذرعون بخوفهم من إنفصال الجنوب بعدم فتح السفارات و الوزارات و تقديم الخدمات , حتى الهواء لو كانوا يستطيعون سيمنعونه عنا  , وهم على يقين تام بأنه حتى لو فتحت مقرات  للسفارات و الوزارات وغيرها فلن نطالب بالانفصال بوقتنا الراهن بسبب عدم وجود تأييد إقليمي و دولي لذلك الطلب حاليا  .
 نحن لسنا بهذا الغباء و شعبنا نضج فكريا و سياسيا ولن نكرر مأساة و أخطاء أكراد العراق أو إقليم كتالونيا الإسباني  , لن نفرط بهذه المنجزات مطلقا  , مازالت الشرعية و أحزاب الخراب المشترك تفكر بعقلية عام 90 وحرب صيف 94 للأسف الشديد , وهي عقلية الضم و الإلحاق و التهميش والإقصاء ونهب ثروات و مقدرات اليمن الجنوبي  , هذه هي حقيقة مشاعرهم ولا يريدون شريك حقيقي أو رد المظالم كما يدعون ليل نهار   .
ومازالو يسيرون على نفس خطى عفاش , لن نكرر تلك الأخطاء القاتلة التي أرتكبناها سابقا , ولن نحرج أو نفرط بدعم و مساندة الدول الإقليمية و الدولية المتعاطفة مع قضيتنا حتى الان .
 ولن نعلن حاليا الإنفصال أو الدعوة لإجراء إستفتاء لكي لا نتحول بين عشية و ضحاها من أصحاب قضية عادلة شرعيين  لمتمردين تغلق جميع أبواب الدنيا بوجوهنا ولن ترفع حتى سماعات الهواتف لإتصالاتنا , هذا الخطأ الفادح ما ينتظره أعدائنا للانقضاض علينا و سحقنا .
 الشعب اليوم يغرق ويستغيث  وهو بحاجة ماسة  لمن ينتشل أوضاعه المادية و الاجتماعية و الخدماتية  فقد أرهقته كثيرا , وهذه هي قضيتنا العاجلة اليوم كمجلس إنتقالي وجمعية وطنية  .

مقالات الكاتب