سؤال كبير وخطير للغاية , والإجابة عليه يجب أن تكون دقيقة ومقنعة وتلامس الواقع ومتغيراته على الساحة السياسية والعسكرية في عدن والجنوب , ماذا لو أعلنت القوات الإماراتية الإنسحاب من العاصمة عدن والتوجه إلى قاعدة العند أو المخا .
لن تخسر القوات الإماراتية شيء من جراء ذلك الإنسحاب بل العكس سيرفع عنها الحرج الداخلي والخارجي , وأعباء حماية مطار عدن الدولي وحماية قصر المعاشيق الرئاسي برا وبحرا وجوا وغيرها من المطالبات والطلبات التي لا تنتهي , ومن هي الجهة أو القوة التي ستوفر الحماية اللازمة للرئيس هادي وحكومته بعدن , كل تلك التساؤلات إجاباتها كارثية ولن ترضى عنها القوى الإقليمية والدولية , الشأن اليمني لم يعد شأن داخلي بسبب أهمية الموقع الجغرافي لليمن وتأثيره على دول الجوار والممرات الملاحية الدولية , وتهديد الأمن و السلم العالمي من خلال تواجد مليشيات وجماعات تصرح علنا باستهداف دول إقليمية وعالمية .
القوات الإماراتية هي الضامن واللاعب الإقليمي والدولي الوحيد على الأرض اليمنية من باب المندب وحتى المهرة لحماية شرعية الرئيس وحكومته في الأراضي المحررة وخصوصا في العاصمة عدن , لولا التدخل المباشر لقيادة التحالف بعدن وبالخصوص قيادة القوات الإماراتية لأصبح مصير رئيس الوزراء بن دغر وحكومته في أحداث 30 يناير في وضع لا يحسدون عليه , ولهذا لم ولن نسمع مثل هذا الطرح من قبل الرئيس هادي أو أي من مسؤولي الشرعية الهادوية .
للإمارات نفوذ كبير في اليمن الجنوبي والساحل الغربي وقد تصل قريبا لكثير من المحافظات الشمالية , وهذه الحقيقة لا يستطيع نكرانها أو إخفائها أحد على الإطلاق , سبب نفوذها هو مصداقيتها التي أكتسبتها من خلال الوفاء والشراكة الحقيقية مع اليمنيين الجنوبيين والتي أثمرت تلك الإنتصارات والإنجازات التي لم تكن تتوقعها كبرى الدول الإقليمية و الدولية وتلاحم القوات الإماراتية مع المقاتلين اليمنيين الجنوبيين ومشاركتهم القتال والتضحيات في جميع جبهات القتال .
وكذلك قربهم من المواطنين وتلمس همومهم وإغاثتهم بصورة عاجلة مما أكسبهم حاضنة شعبية كبيرة في تلك المناطق المحررة وغير المحررة , وبسبب تواجدهم الفعلي والمباشر على الأرض في جنوب اليمن وغيرها من المناطق اليمنية المحررة , كان ذلك عبارة عن رد عملي لنصرة المظلومين , وإعادة كثير من الحقوق المسلوبة لأبناء وأهالي تلك المناطق التي يتواجدون بها مما أكسبهم ود وحب وإحترام وتقدير شعوب تلك المناطق .
أعادت لكثير من أهالي جنوب اليمن عزتهم بقوتهم وثقتهم بأنفسهم بعد عشرات السنين من التهميش والإقصاء والظلم والاضطهاد العرقي والمناطقي , لعشرات السنين تقريبا لم نرى ذلك الحضور العسكري المهيب لأبناء المناطق الجنوبية والدفاع عن مناطقهم بهذه الصورة البطولية النادرة وإدارة مناطقهم بأنفسهم رغم المؤامرات والمكائد .
حزام عدن الأمني كان بداية الخطوة الأولى في الطريق الصحيح بعدما فشلت الشرعية بتشكيل جيش وطني حقيقي يدافع عن أراضي ومكتسبات الوطن جنوبا وشمالا, ولازال مسلسل الفشل يعرض إلى يومنا هذا , وجيش التباب الوطني بمأرب ونهم شاهد على ذلك الفشل المخزي .
وبعدها تم تشكيل حزام لحج ويافع وأبين وألوية المقاومة التهامية وغيرهم في المناطق اليمنية المحررة وغير المحررة , والان سيدخل حزام الضالع الميدان إلى جانب أشقائه من الوحدات الأمنية والعسكرية الأخرى .
النخبة الحضرمية أعادت للحضارم ذكريات الماضي الجميل والذي أصبح حاضرا هذه المرة من خلال نخبة حضرموت بالساحل وقريبا بإذن الله سنراها بالوادي والصحراء الحضرمية , من يتشدقون بالوحدة اليمنية وبقاء قوات شمالية كبيرة ليس الغرض منها تأمين حضرموت والحفاظ على كرامة وأرواح و ممتلكات أهاليها , بل العكس لم ترى حضرموت وغيرها من المحافظات الجنوبية غير ذلك الشمالي الباحث عن الثروات والموارد للاستحواذ عليها على حساب أبناء وأهالي تلك المحافظات والمناطق , الكل يعلم حقيقة الألوية الشمالية وجيوشها عندما إنحازت مناطقيا للمليشيات الانقلابية ضد أهالي المناطق الجنوبية المتواجدون فيها وأصبحت بين عشية وضحاها عدوا فتاك .
المنطقة العسكرية الأولى والثانية كانتا من سلم حضرموت على طبق من ذهب للجماعات الإرهابية , ولم تطلق طلقة واحدة , واليوم آن الأوان ليعود الحق لأهله ويحمي أبناء كل محافظة محافظتهم وبأنفسهم هذه المرة .
شبوة كانت الحاضر الأبرز من خلال نخبتها الشبوانية التي أثبتت جدارتها من خلال إنتشارها في أغلب مناطق شبوة , وسطرت النخبة الشبوانية أروع البطولات والملاحم , وأمنت الطرق وحافظت على أرواح و ممتلكات أبناء وأهالي شبوة والمسافرين عبر أراضيها , كل ذلك الإنجاز كان بدعم إماراتي مباشر لأبناء تلك المحافظات الجنوبية .
للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وبدعم وإسناد لا محدود من دولة الإمارات العربية المتحدة بصمة مشرفة في اليمن وسيكتب عنها التأريخ وبأحرف من ذهب على صدر صفحاته , وللمرة المليون أعيد وأكرر بأن هذه الحرب هي حرب سعودية وبدعم ومؤازرة إماراتية وليس العكس صحيح .
وهناك سؤال مازال يؤرقني وهو لماذا لا تشارك القوات المسلحة السعودية بالمعارك المباشرة أكانت بالمخا أو حضرموت أو شبوة أو حتى بجبهة حرض وميدي , أو فتح مكتب للهلال الأحمر السعودي بعدن أو مأرب للاشراف المباشر على توزيع المعونات الإغاثية والمشاريع الأخرى , فالمال السائب مغري للسرقة والنهب .
وصلت تلك الدول الخليجية والدولية لقناعة تامة بحل مشاكل اليمن ككل وليس كجزء من أجل إعادة اليمن لمساره الطبيعي بين أشقائه وجيرانه الخليجين والحفاظ على أمن وإستقرار مضيق باب المندب العالمي .
ونستطيع نحن معشر اليمنيون الجنوبيون أن نبني وطنا فالتاريخ يشهد بأننا قد بنينا كثير من الأوطان القريبة والبعيدة , ولكن نطلب من بعض أشقائنا عدم التعويل كثيرا على بائعي الأوطان والإنسان من بني جلدتنا .