الذكرى السنوية الثانية لمعركة الـثامن 8 من أكتوبر شمال الضالع .. انتصار قلب الموازين السياسية قبل العسكرية

صدى الحقيقة : فؤاد جباري
في مثل هذا اليوم ”الـ8 من تشرين أول“ من العام 2019م، صنعت وحدات قواتنا المسلحة البطلة المرابطة في جبهات محور الضالع انتصاراً عظيماً تمكنت فيه من دحر المليشيات الحوثية المدعومة إيرانياً من مناطق واسعة في حجر وقعطبة شمال غرب الضالع، وذلك في معركة خاطفة استمرت منذ اشراقة شمس صباح ذلك اليوم حتى وقت الظهيرة، تهاوت فيها مئات المواقع العسكرية ومعسكرات وغرف عمليات تابعة للعدو، واغتنمت فيه قواتنا أسلحة وعتاد بمختلف انواعه، ناهيك عن مئات العناصر الحوثية التي سقطت بين قتيل وجريح وأسير بينهم قيادات بارزة على طول مسرح العمليات العسكرية التي تمتد لعشرات الكيلومترات، وسط معركة اتبعت فيها وحدات قواتنا الجنوبية المسلحة استراتيجية عسكرية متطورة، باغتت فيها قوات العدو وحسمتها لصالحها بأقل جهد و وقت وتكلفة (دون اسناد جوي).
ففي هذه المعركة الأسطورية، كان الإيذان وانطلاقة تحول لمقود العمليات الحربية شمال الضالع، التحول الإستراتيجي الذي قلب ميازين القوى، حيث تحولت وحدات قواتنا المسلحة من استراتيجية الدفاع المستميت والإيجابي إلى استراتيجية الهجوم المناورة، وباتت هي من تتحكم في سير العمليات القتالية إلى اليوم نظراً للمواقع الإستراتيجة التي تموضعت فيها تموضع استراتيجي جعل من المليشيات الحوثية فاقدة للسيطرة الميدانية لقواتها واضحت عرضة لاستهداف نيران قواتنا المباشر وتحت رحمتها في مختلف القطاعات العسكرية.
انتصار الـ 8 من اكتوبر من العام 2019م الذي سطرته قواتنا المسلحة الجنوبية والمشتركة شمال الضالع، لم يكن نصراً خاصاً بالضالع فحسب، ولكنه كان نصراً لكل الجنوب، ولم يكن نصراً عسكرياً فحسب، بل كان نصراً قلب الموازين السياسية أيضاً التي كانت تطبخ حينها من أنقرة إلى صنعاء والدوحة ومأرب وفنادق الرياض رأساً على عقب، حيث كان قد اتفق الفرقاء-الشركاء الطامحون لإعادة احتلال الجنوب على حياكة المؤامرة الكبرى لإسقاطه عبر اقتحام وكسر بوابة الضالع للمرور منها إلى العاصمة عدن لما تمثله الضالع من رمزية ثورية ونضالية لكل الشعب الجنوبي بحسب مفهوم (تهشيم رأس الأفعى)، وقد عدوا العدة والإمكانيات (بأيدٍ حوثية ودعماً إخوانياً) التي تمترسوا ورائها وجعلتهم يؤمنون قطعاً بتحقيق النصر وبلوغ الأهداف، لكن التمترس وراء العقيدة القتالية والمظلومية وعدالة القضية والثقة بنصر الله وتمكينه كان له كلمة الفصل وقهرت أمامه هذه المؤامرة وذابت امكانياتها وخابت وفشلت أهدافها، بالقدر الذي ازدادت فيه قواتنا الجنوبية اكثر قوتاً وبأساً تسليحاً وتدريباً وإعداداً وتنظيماً وخبرات إلى جانب ظفرها بالنصر.
ما يدعو للعجب والفخر في آنٍ معاً ذلك اليوم ليس الإنتصار ورؤية مواقع العدو تتهاوى أمام طوفان الأبطال فحسب، ولكن مشاهد الأهالي وهم يفرحون بتحرير قراهم ومناطقهم، والذين كانوا يتقافزون كالأطفال فرحاً باتجاه قراهم ومنازلهم التي كانت قد طردتهم المليشيات منها وحولتها إلى ثكنات، حتى أنهم في بعض الأحيان كانوا يسببون لنا أرباكاً كبيراً خوفاً عليهم من الكميات الكبيرة للألغام والعبوات التي زرعتها هذه المليشيات بشكل عشوائي، ضف إلى ذلك زغردة النساء من على شرفات المنازل ومد الأبطال بما لذ وطاب من الوجبات .. حقاً كانت معركة يتعالى فيها ضجيج الأهالي الذين امتزجت فيها أهازيج النصر ودوي تكبيرات المآذن و دعوات الأمهات وصيحات الأطفال مع أصوات أزير الرصاص وزمجرة المدافع وتكبيرات المقاتلين، في تناغم موسيقي وأيقاع حربي يبدو وكأنه الأول من نوعه ومدرسة فريدة في تاريخ موسيقى الحروب.
وبكل معاني الشموخ بأبطال قواتنا المسلحة الأشاوس، لايسعنا في هذا اليوم إلا أن نرفع تحايا الإجلال و الفخر والإعتزاز لكل الأبطال في مختلف الوحدات العسكرية المرابطة في جبهات محور الضالع قيادة وأفراد من مريس شمالاً مروراً بقطاعات غلق والفاخر وبتار والثوخب في حجر وحتى جبهات تورصة الأزارق في أقصى الجنوب الغربي، ونعيد تهنئتهم بهذا النصر العظيم الذي أراد الله أن يتحقق ويكتب على أيديهم، كما نبتهل إلى الله ونترحم على أرواح شهدائنا الميامين العظماء الذين ارتقت ارواحهم في ذلك اليوم الخالد والذين حققوا بهذه الدماء الزكية الطاهرة تاريخ مجداً خالداً ستتحدث عنه اجيالنا بكل فخر ذوداً عن الدين والأرض والعرض، وتتناقله أجيال الأعداء برؤوس يعتليها الخزي والعار والذل والهوان وطعم الهزيمة، وما النصر إلا من عند الله العلي القدير.