حين تسقط الأقدار، الغدر..!
خالد شوبه
فجعنا الأسبوع الماضي بالهجوم الإرهابي الغادر، الذي تعرضت له قوة سعودية خاصة تابعة لقيادة التحالف الع...
كنت في مجلس محافظ عدن احمد لملس بجولدمور، العام الماضي تقريبا، ولأول مرة يومها برفقة صديق شبواني عزيز اصطحبني معه بدعوة من المحافظ، رغم تهربي كصحفي من أي لقاءات خاصة مع المسؤولين وشعوري بأني مكبل في مجالسهم وأنا متمرد لا التزم بأي قيود أوبروتوكولات، كما يعرفني كل أصدقائي والمقربين.
المهم.. بعد وصولنا للمجلس والسلام عليه وتجاوز الحواجز الأمنية على خير وسلام ومغادرة وفد قبلي كان معه..
طلب مني ابو محمد التقدم إلى جواره وأنا حرجت لأني من النوع الذي لا يحب الحديث كثيرا عند التخزينة ولا مجالسة المشغولين أساسا، وبأول مرة التقي بمسؤول طالما قسوت عليه بكل ما أوتيت من قسوة النقد ومازلت، باعتبار عدن في عهده ومن قبله لم ترى الخير ابدا..
والسبب كما نصحته ليلة تعيننه على الهواء من على شاشة المرحومة قناة الغد المشرق، بأن من جاءوا به لن يقفوا معه لينجح بالفعل وينتشل عدن من وضعها المأساوي وإنما يسعون لاحراقه وخذلانه ومحاربته والتكسب ونهب الأراضيمن خلفه، كما يعرف ذلك جيدا وبطرق مختلفة وأقصد هنا (شرعية وانتقالي)..
وبمجرد إنتقالي إلى جواره عاتبتي على عدم زيارته كغيري من كثير من الزملاء يدورونه.. فقلت له بأني من النوع الذي لا يحب زيارات المسؤولين إطلاقا فما بالك بمن أهاجمهم بقسوة ليلا نهارا، واعتبرهم من أكبر الفاشلين في مهامهم..
وهنا ضحك مدركا مقصدي وتمسكي بمواقفي منه..
وقبل أن يقاطعنا صديقي بسؤاله:
يابو محمد: هل تتطلع على ماينشره عنك ابو بشار؟
فقال: نعم وآخرها منشوره عن ازدهار تجارة الحمير في عدن.
فضحكت من تركيزه ع المنشور القديم يومعا زطوقلت له صحيح وأن هذا أساسا تقرير لوكالة فرانس برس يسلط الضوء على انتعاش تجارة الحمير وارتفاع سعرها بعدن نتيجة تزايد الحاجة إليها اليوم لنقل المياه والاحتياجات السكانية مع استفحال الأزمات وتعقد الحياة المعيشية وانقطاع المياه وارتفاع أسعار المشتقات النفطية وانهيار صرف العملة بمستويات غير مسبوقة تاريخيا بعهدكم المبارك.
وهنا ذكرته بأني كنت له من الناصحين الصادقين احتراما وتقديرا لصعوبة المهمة، د ولكي يعمل حساباته في حسن اختيار فريقه وكفاءة ونزاهة من يتم تعيينهم في مناصب تنفيذية وادارية بعدن؛ وليس من أجل تثبيط معنوياته للتهرب من شرف مسؤولية خدمة الوطن وأهل عدن، بما يستطيع ووفق الممكن والمتاح كما يفعل..
وقبل أن انهي جملة حديثي معه قاطعنا تلفون تحويلته مجددا وكان المتصل هذه المرة يطلب موافقة المحافظ على تحرك أطقم لجنة حماية الأراضي لإيقاف عملية بناء عشوائي بكريتر أو الممدارة.. لم أعد أتذكر اين بالضبط للأمانة.
فاستغربت من اشغاله بأمور كهذه يفترض أنه قد شكل لجنة متخصصة وقوة أمنية بقيادة كمال الحالمي لضبط هذه الأمور وفق آلية مرسومة بالتنسيق مع جهات الاختصاص والنيابة، ودونما حاجة للرجوع إليه هكذا.
ولكن الأمر ليس هكذا كما عاد هو ليشكوا لي، كون ملف الأراضي هو الأكثر اشغالا وتعقيدا ومشاكل وفوضى في عدن،رغم كل جهوده لمحاولة التصحيح وتخفيف حدة التوترات والمشاكل المستمرة بهذا الملف المرهق له خصوصا..
وقبل أن يكمل حديثه، رن الهاتف مجددا والله، وكان المتصل من مطار عدن تقريبا يطلب رأيه وموافقته حول أموال يراد نقلها للخارج وأوقفها مدير وأمن المطار وبأن عليه مخاطبتهم لاطلاقها باعتبارها مستوفية لكل (إجراءات الترحيل القانوني) من البنك المركزي بعدن.
ولحظتها التزمت الصمت عن اي تعليق عن الموضوع هذا، بعد أن تدخل وأنهى المشكلة، مستاءا ورافضا لصدور تعميم إيقاف اعتباطي بهذا الموضوع المتعلق بالبنك المركزي اساسا..
وقبل أن يعود للحديث، رن تلفون التحويلة مجددا، وأنا أحمد الله في قرارة نفسي بأنني أغلق جوالاتي بكل أريحية، عندما يقرح القات معي أو تنتابني لحظات العزلة وحب الجلوس مع الذات ومراجعة بعض الأمور..
وكان المتصل هذه المرة يطلب منه التدخل لإقناع مؤسسة الكهرباء بتحريك فريق لإعادة الخدمة في أحد الأحياء السكنية التي تعيش في الظلام منذ أيام بعدن..
وهنا لملمت ساماني من حوله وقلت له: جمعتك مباركة يابو محمد مقدما.. وربنا يعينك ويقوي قلبك ويعزز صبرك الاستراتيجي..
فضحك من قلب همومه
وقال لي: مالك يابو بشار بدري..
فقلت له: بدري من عمرك.
وخرج ليودعنا وهو يقول لنا مازحا اصبروا: باقي مشاكل مياة وحاويات ومضاربات واعتقالات أمنية وحوادث مرورية وقضايا بمختلف الجوانب ..مالكم مستعجلين..؟!
فقلت له مجددا: ربنا يعينك يابومحمد، على هكذا إجهاد لنفسك وجلد لعقلك وتكعيف لنفسك فوق طاقتك وحدود مسؤوليتك ..
ونصحته من قلب صادق بأن يرفق بنفسه وروحه ويعتمد على تفعيل المؤسسات وتوزيع المهام والمسؤوليات والصلاحيات لتخفيف الحمل المدمر عن كاهله
وغادرت ولم أعد أتذكر إني التقيته بعدها إلى اليوم.
عدن بحاجة لإعادة تفعيل المؤسسات يامحافظ؟!