تعرف على حاملة الطائرات "هاري إس ترومان" التي تم استهدافها في البحر الأحمر
هي إحدى أبرز الوحدات القتالية في الأسطول البحري الأميركي، سُميت على اسم الرئيس الأميركي الـ33، هاري...
1. أمن دولي ـ تصاعد تهديدات الحوثيين للأمن البحري والتجارة العالمية
يشهد الأمن البحري في البحر الأحمر تهديدات متزايدة تؤثر على حركة الملاحة والتجارة العالمية في ظل تصاعد الهجمات الحوثية على السفن التجارية، كذلك التعاون الإيراني الاستخباري والعسكري مع جماعة الحوثيين. مما زاد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية، وتداعيات ذلك على الاستقرار الإقليمي والدولي. بالتزامن مع الجهود الدولية لمواجهة التهديدات الحوثية، مثل الضربات الأمريكية في مارس 2025 والمهمة الأوروبية في البحر الأحمر.
ما هي مراحل الهجمات الحوثية في البحر الأحمر؟
أفاد تقرير في نوفمبر 2024 أن ألحوثيين نفذوا حملة تجنيد، مكَّنت من حشد قوة قوامها (350) ألف مقاتل، مقارنة بـ(220) ألفا في عام 2022. ويسيطر الحوثيون على المناطق الشمالية الغربية من اليمن، بما في ذلك صنعاء. وأنشأ الحوثيون خنادق ومخابئ جديدة لتجنب استهدافهم من قبل الولايات المتحدة. وتُمثل الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون أكثر من (60%) من اليمن.
استهدفت الهجمات الأميركية المواقع التي أنشئت حديثا وأجبرت قيادة الحوثيين على الاختباء، وقد قام القادة بإغلاق هواتفهم المحمولة أو التخلص منها لتجنب اكتشافهم، مما أدى إلى قطع الاتصالات. وشنّ الحوثيون أكثر من (100) هجوم على سفن الشحن منذ نوفمبر 2023، وقسم الحوثيون هجماتهم البحرية في البحر الأحمر إلى خمس مراحل:
ـ المرحلة الأولى: هجمات تركز على الصواريخ التي تطلق على السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر اعتبارًا من نوفمبر 2023.
ـ المرحلة الثانية: توسّعت الهجمات في ديسمبر 2023 لتشمل جميع السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية. كما أصبحت السفن التي لها صلات مباشرة أو غير مباشرة بإسرائيل أهدافًا، بالإضافة إلى السفن التي زارت الموانئ الإسرائيلية.
ـ المرحلة الثالثة: استهدفت هجمات الحوثيين في يناير 2024 السفن المرتبطة بالولايات المتحدة وبريطانيا العظمى.
ـ المرحلة الرابعة: توسعت الهجمات في مايو 2024 لتشمل السفن التي يمتلكها مالكوها/مشغلوها سفنًا تزور الموانئ الإسرائيلية.
ـ المرحلة الخامسة: هذه المرحلة التي تم الإعلان عنها عقب إطلاق الحوثيين طائرة “يافا” المسيرة على تل أبيب في 19 يوليو2024، تأتي استكمالاً للمراحل السابقة.
حجم التأثير الاقتصادي الدولي والإقليمي لهجمات الحوثيين
ارتفعت أسعار النفط الخام في 17 مارس 2025 عقب الضربات العسكرية الأمريكية على الحوثيين، ردًا على هجمات الجماعة على سفن تجارية في البحر الأحمر. ومع ذلك، من المتوقع أن يستمر تدهور التوقعات الاقتصادية في الضغط على أسعار النفط . في حال إغلاق البحر الأحمر على المدى الطويل، ستتحمل أوروبا والدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط العبء الأكبر. سيؤثر أي انقطاع طويل الأمد لحركة الملاحة عبر البحر الأحمر على أسعار الطاقة، وخاصةً على المستهلكين في أوروبا.
انخفض متوسط حركة المرور بباب المندب وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي حتى 22 يناير 2024، إلى (46%) مقارنةً بالفترة نفسها من العام 2023. وبلغت حركة مرور قناة السويس (63%) مقارنةً بالعام 2023، بينما ارتفعت حركة مرور رأس الرجاء الصالح بنسبة (70%) ويؤدي ازدياد تحويلات السفن إلى زيادة تكاليف الوقود والعمالة، مع انخفاض متوسط كمية حركة البضائع التي تصل إلى وجهتها.
من أين يحصل الحوثيون على المعلومات لاستهداف السفن؟
لا يمتلك الحوثيون تقنية الرادار اللازمة لاستهداف السفن لذلك إنهم بحاجة إلى مساعدة من إيران، يستغل الحوثيون المعلومات الاستخباراتية البحرية المتاحة تجاريًا لتحديد مواقع السفن في البحر الأحمر ومهاجمتها. بالإضافة تقديم القادة ومستشارو الحرس الثوري الإيراني المعلومات والبيانات والدعم الاستخباراتي لتحديد أي من العشرات من السفن التي تمر عبر البحر الأحمر وتشكل أهدافا للحوثيين. فضلًا عن المعلومات الاستخباراتية يتم جمعها بواسطة سفن إيرانية في البحر الأحمر ثم نقلها إلى الحوثيين.
يقول “نيكوس جورجوبولوس” خبير الأمن البحري في ديابلوس “بالطبع، أثبت الحوثيون أنهم يستخدمون معلومات بحرية أساسية وعامة مثل نظام التعريف التلقائي”، ولكن لشن هجماتهم بنجاح، فإنهم بحاجة إلى المزيد”. لديهم أيضا إمكانية الوصول إلى معلومات ليست سرية، لكن يصعب الحصول عليها. ولا بد من خبرة في مجال الاستخبارات البحرية لمعرفتها”.
تداعيات الهجمات الأمريكية على جماعة الحوثي
فر قياديون في جماعة الحوثي في اليمن من العاصمة صنعاء التي يسيطرون عليها إلى المناطق الريفية، عقب الغارات الجوية الأميركية. وصدرت تعليمات لأعضاء رفيعي المستوى بمغادرة منازلهم بسبب التهديد بمزيد من الضربات الجوية الأميركية. ويتجنب الأعضاء داخل الجماعة الأماكن العامة. وعدم الكشف عن أماكن تواجد كبار المسؤولين الحوثيين.
يرى “إيلي كارمون” الباحث في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب “إن زعماء الحوثيين يبدو أنهم شددوا الاحتياطات ردًا على التطورات الأخيرة، بما في ذلك الضربات الخمس التي شنتها إسرائيل على اليمن، وعشرات الضربات التي تقودها الولايات المتحدة على أهداف للحوثيين في اليمن منذ يناير 2024، والهجمات الإسرائيلية على قادة وكلاء إيران في أماكن أخرى من المنطقة. وتعتقد “أبريل لونجلي ألي” الباحثة في معهد السلام الأمريكي “إن الحوثيين من المرجح أن يكونوا متشككين في استخدام تكنولوجيا الإرسال، خاصة بعد أن استخدمت إسرائيل أجهزة الاتصالات لمهاجمة حزب الله في سبتمبر 2024، ففجرت أولاً آلاف أجهزة النداء المزورة ثم مئات أجهزة الاتصال اللاسلكية المزورة التي سلمتها سراً إلى الجماعة اللبنانية”.
**
2. أمن دولي ـ الضربات الجوية الأمريكية ضد الحوثيين، استراتيجية جديدة
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية يوم 15 مارس 2025 عن شن ضربات جوية على معاقل الحوثيين في اليمن. تسعى الولايات المتحدة إلى ردع الحوثيين من خلال تنفيذ ضربات جوية مكثفة تستهدف مواقعهم في اليمن، وذلك ردًا على هجماتهم المتكررة على السفن في البحر الأحمر. هذه الاستراتيجية تختلف عن نهج دول الخليج، حيث تهدف واشنطن إلى تعطيل قدرات الحوثيين وتقويض قيادتهم.
شدد الرئيس الأمريكي على أن الهجوم استهدف “قواعد الإرهابيين وقادتهم وأنظمة الدفاع الصاروخي”. في الواقع، استهدفت الضربات الأمريكية هذه المرة محافظتي صعدة وصنعاء، وهما المعقلان الأيديولوجي والسياسي للحوثيين. بعد الضربات الجوية، صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل والتز بأن الهجوم “استهدف العديد من قادة الحوثيين وقضى عليهم”. يختلف هذا التركيز على استهداف القيادة الحوثية عن تصريحات جو بايدن، الذي كان يركز على إضعاف القدرات الهجومية للجماعة وإحباط التهديدات الوشيكة للسفن.
كانت إدارة بايدن تنفذ ضرباتها بينما كانت حملة الحوثيين ضد السفن جارية، لكن الضربات الجوية الأولى لترامب ضد الحوثيين تبدو وكأنها حالة من الضربات الاستباقية. وفقًا لكولين إس. جراي، فإن “الاستباق يعني الضرب أولاً (أو محاولة القيام بذلك) في مواجهة هجوم إما أنه بدأ بالفعل أو أنه وشيك بشكل موثوق”.على العكس من ذلك، فإن الموقف الاستراتيجي والتواصلي الجديد للولايات المتحدة تجاه الحوثيين يشبه إلى حد كبير نهج الحكومة الإسرائيلية. فمنذ عام 2024، هدد كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية مرارًا بـ”قطع رأس” القيادة الحوثية، كما حدث مع حماس وحزب الله. يشير هذا إلى تقارب متزايد بين الاستراتيجيات والتكتيكات الأمريكية والإسرائيلية، حتى على الجبهة اليمنية وفي البحر الأحمر.
إن وصول إدارة ترامب الثانية يغير المعادلة بشكل أكبر. فقد أعلن الحوثيون بالفعل أنهم سيردون على من ينفذ تصنيفهم كـ “منظمة إرهابية أجنبية، الذي أعلنته واشنطن في يناير 2025.إذا أدى هذا التصنيف إلى تعليق واردات الوقود عبر ميناء الحديدة (أحد المصادر الأربعة الرئيسية لإيرادات الحوثيين)، فمن المحتمل أن يتخلوا عن التزامهم بهدنة الأمر الواقع عبر الحدود مع السعودية. كما سيدفع تصنيف “المنظمة الإرهابية الأجنبية” الحوثيين إلى الابتعاد أكثر عن البنوك الرسمية والاعتماد على الآليات غير الرسمية، مثل مكاتب الصرافة ونظام الحوالة. ويُذكر أنهم مستثمرون رئيسيون بالفعل في عالم العملات الرقمية الضربات الأميركية الأخيرة أسفرت عن مقتل عدد من عناصر من الحوثيين، مما يشير إلى تأثير ملموس على قدراتهم. ومع ذلك، يظل تأثير هذه الضربات محدودًا على المدى الطويل، حيث أظهر الحوثيون مرونة في مواجهة الضغوط العسكرية، واستمرارهم في تنفيذ هجمات على السفن في البحر الأحمر.
تحذير ترامب لإيران من الاستمرار في دعم الحوثيين
حذر الرئيس ترامب إيران من مغبة مواصلة دعمها للحوثيين، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستعتبر أي هجوم ينفذه الحوثيون بمثابة هجوم إيراني، وستتحمل طهران المسؤولية الكاملة عن ذلك. ترامب شدد على أن العواقب ستكون وخيمة إذا استمرت إيران في هذا النهج. في المقابل، نفت إيران هذه الاتهامات ووصفت تصريحات ترامب بأنها “متهورة واستفزازية”، مؤكدة أنها لا تنتهك قرارات مجلس الأمن الدولي ولا تشارك في أنشطة مزعزعة للاستقرار في المنطقة.
تهديد إيران، والتواصل مع روسيا
عند إعلانه عن الجولة الجديدة من الهجمات، تعهد ترامب بمحاسبة إيران “بشكل كامل” على تصرفات الحوثيين، وحث طهران على وقف دعمها العسكري لهم. وعلى الرغم من أن إدارة بايدن كانت تلقي اللوم مرارًا على طهران لدعمها الحوثيين، فإن الولايات المتحدة أصبحت الآن تصعّد لهجتها ضد إيران بشكل أكثر علانية بينما تستهدف الحوثيين.
ما تأثير هذا التصعيد على المنطقة ومواقف دول الخليج؟
التصعيد الأمريكي الأخير ضد الحوثيين، المتمثل في الضربات الجوية التي استهدفت مواقعهم في اليمن، يحمل تداعيات متعددة على المنطقة ومواقف دول الخليج:
زيادة التوترات الإقليمية: الهجمات الأمريكية قد تؤدي إلى تصعيد التوترات في منطقة البحر الأحمر، خاصة مع استمرارالحوثيين في استهداف السفن التجارية، مما يهدد أمن الملاحة البحرية ويؤثر على الاقتصاد العالمي.
تعقيد الصراع اليمني: التدخل الأمريكي المباشر قد يزيد من تعقيد الصراع في اليمن، مع احتمال تورط أطراف إقليمية ودولية أخرى، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
ردود فعل الحوثيين: رغم الضغوط العسكرية، أبدى الحوثيون تصميمهم على مواصلة عملياتهم، مما يشير إلى احتمال استمرار التصعيد العسكري في المنطقة.
مواقف دول الخليج
حتى الآن، التزمت دول الخليج، باستثناء البحرين، الحذر ولم تشارك بشكل مباشر في التحالف الأمريكي لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، مفضلة مراقبة التطورات عن كثب. تخشى دول الخليج من أن يؤدي التصعيد الحالي إلى زعزعة استقرار المنطقة، خاصة مع احتمال توسع نطاق الهجمات ليشمل منشآت حيوية في دولهم. تسعى بعض دول الخليج إلى تعزيز الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة وتجنب الانزلاق إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق قد تؤثر سلبًا على أمنها ومصالحها الاقتصادية. يعكس التصعيد الحالي تحديات معقدة تتطلب تنسيقًا دوليًا وإقليميًا للتعامل مع تهديدات الحوثيين وضمان استقرار المنطقة. أمن دولي ـ استهداف واشنطن لجماعة الحوثي، الأسباب والتداعيات
ماهو موقف دول أوروبا من ضربات أمريكا ضد الحوثيين؟
تباينت مواقف الدول الأوروبية إزاء الضربات الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن، حيث تراوحت بين الدعم السياسي والرفض للمشاركة العسكرية المباشرة: أدانت فرنسا هجمات الحوثيين على السفن التجارية، محملةً إياهم مسؤولية التصعيد في المنطقة. مع ذلك، رفضت باريس طلبات الولايات المتحدة وبريطانيا للمشاركة في الضربات الجوية ضد الحوثيين، مفضلةً عدم الانخراط العسكري المباشر في هذه العمليات.
أعربت ألمانيا عن دعمها السياسي للضربات الأمريكية، مؤكدةً أنها تتماشى مع حق الدفاع عن النفس. ومع ذلك، لم تشارك القوات الألمانية بشكل مباشر في العمليات العسكرية ضد الحوثيين. شاركت بريطانيا بفعالية في الضربات الجوية ضد الحوثيين، حيث نفذت طائرات “تايفون” التابعة لسلاح الجو الملكي ضربات استهدفت مواقع في الحديدة وبنية تحتية تابعة للحوثيين. : لم تُظهر دول أوروبية أخرى مواقف واضحة أو مشاركة مباشرة في الضربات ضد الحوثيين. يُذكر أن الاتحاد الأوروبي بدأ في بحث إمكانية إرسال أسطول بحري إلى البحر الأحمر لحماية السفن التجارية من هجمات الحوثيين، مما يشير إلى قلق متزايد بشأن أمن الملاحة في المنطقة. أظهرت الدول الأوروبية مواقف متباينة تجاه الضربات الأمريكية ضد الحوثيين، حيث شاركت بريطانيا عسكريًا، بينما قدمت دول أخرى دعمًا سياسيًا أو فضلت عدم المشاركة المباشرة في العمليات العسكرية. أمن دولي ـ “جماعة الحوثيين”، تنامي الأنشطة وتنوع في مصادر التمويل
قوة بحرية اوروبية في البحر الاحمر والخليج
هناك وجود لقوة بحرية أوروبية في البحر الأحمر والخليج العربي. في 19 فبراير 2024، أطلق الاتحاد الأوروبي عملية بحرية جديدة تُعرف باسم “أسبيدس، بهدف حماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر ومحيطه، وذلك ردًا على تصاعد الهجمات التي استهدفت السفن التجارية الدولية منذ أكتوبر 2023.
أهداف ومهام عملية “أسبيدس”:
حماية الملاحة البحرية: تسعى العملية إلى ضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر، بما في ذلك مضيق باب المندب، ومناطق خليج عدن، وبحر العرب، والخليج العربي.
جمع المعلومات: تتضمن مهام العملية جمع المعلومات حول تهريب الأسلحة والأنشطة غير القانونية الأخرى، وتبادلها مع الجهات المعنية مثل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والمفوضية الأوروبية، ومنظمات دولية كالإنتربول واليوروبول.
قرر الاتحاد الأوروبي في فبراير 2025، تمديد مهمة “أسبيدس” حتى 28 فبراير 2026، مع تخصيص ميزانية تزيد عن 17 مليون يورو لتمويلها خلال هذه الفترة. يأتي هذا التمديد بعد مراجعة استراتيجية شاملة للمهام والنتائج التي حققتها العملية حتى الآن.
وفقًا لتقييمات القيادة البحرية الأوروبية، تحتاج العملية إلى ما لا يقل عن 10 سفن بحرية، ستة منها يجب أن تكون متمركزة في البحر الأحمر، إلى جانب دعم جوي واسع النطاق. ومع ذلك، بعد مرور تسعة أشهر على إطلاق العملية، لم يتجاوز عدد السفن البحرية في “أسبيدس” متوسط ثلاث سفن، دون توفر أي دعم جوي. تُظهر هذه الجهود التزام الاتحاد الأوروبي بتعزيز الأمن البحري في المنطقة وحماية المصالح التجارية الدولية.أشار محللون إلى أن هذه الضربات قد تضع الولايات المتحدة في مأزق إستراتيجي، مع احتمال تصعيد أوسع في المنطقة، خاصة مع إصرار الحوثيين على مواصلة عملياتهم ضد السفن المتجهة إلى إسرائيل.
هل تستطيع إيران تمكين الحوثيين من قطع كابلات الاتصالات البحرية؟
نقلت إيران منذ عام 2015 أنظمة أسلحة متطورة إلى الحوثيين، بما في ذلك أنظمة صواريخ باليستية تم استخدامها في هجمات ضد السفن البحرية، بما في ذلك السفن التجارية. هدد الحوثيون بتخريب كابلات الاتصالات البحرية الحيوية، بما في ذلك خطوط الإنترنت، التي تمر تحت البحر الأحمر والتي تربط آسيا بأوروبا. وذكرت الجماعة أنها تمكنت بسهولة من الوصول إلى خرائط تظهر التقاء كابلات الاتصالات البحرية التي تمر عبر سواحلها، أثناء مرورها عبر مضيق باب المندب.
يقول قائد الغواصات السابق في البحرية الملكية البريطانية الأدميرال “جون جوير” تعليقا على التهديدات بتخريب الكابلات: “أعتقد أن هذا مجرد خدعة، ما لم يكن هجوما على محطة طرفية”. وأضاف “إن الأمر سيحتاج إلى حليف يتمتع بالقدرة، لديه غواصة بالإضافة إلى القدرة على تحديد موقع الكابلات”. أوضح القائد السابق في البحرية الملكية البريطانية “توم شارب”: “لم أر شيئًا في أسطول المعركة الإيراني يمكن أن يمس هذه الكابلات، وبالتأكيد ليس غواصاتهم”. وتابع “الغوص خيارٌ وارد، لكنه عميقٌ، لذا أعتقد أنه سيكون مُرهقًا”. ويتفق القائد “شارب” مع الأدميرال “جون جوير” قائلاً: “أعتقد أن هذه مُخادعة”.
جهود دولية لتقويض قدرات الحوثيين
أطلق الاتحاد الأوروبي مهمته البحرية “ASPIDES”، في 19 فبراير 2024، كعملية دفاعية أمنية بحرية لحماية السفن التجارية في البحر الأحمر وحماية حرية الملاحة من هجمات الحوثيين. قرر الاتحاد الأوروبي تمديد “ولاية عملية الأمن البحري للاتحاد الأوروبي لحماية حرية الملاحة فيما يتعلق بأزمة البحر الأحمر “EUNAVFOR ASPIDES” حتى 28 فبراير 2026″. بعد مراجعة استراتيجية للعملية البحرية، حيث تجاوزت الميزانية المرجعية (17) مليون يورو. بالإضافة إلى تعزيز نظام “ASPIDES” من خلال تمكينه من جمع المعلومات الاستخباراتية وجمع البيانات المتعلقة بتجارة الأسلحة والأساطيل الموازية.
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في ديسمبر 2023، عن إطلاق عملية “حارس الازدهار” وهي عملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر، تشمل الدول المشاركة بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا، من خلال دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.
استهدفت الضربات الأمريكية معاقل الحوثيين المعروفة بتواجد بنيتهم التحتية وقواعد الحوثيين ودفاعاتهم الصاروخية. تبدو الضربات الأمريكية للحوثيين، مختلفة عن سابقاتها، إذ هناك اتفاق بين الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” وقادته العسكريين على توسيع نطاق الأهداف، لتتجاوز المنشآت وخطوط الإمداد للحوثيين، لتركز على استهداف قياداتهم، وقد كان لافتًا استهداف الغارات، لمناطق سكنية يعيش فيها بعض من قادة الحوثيين في اليمن.
أشار تقرير في مارس 2025 أنه يوجد ثلاثة أهداف، للضربات الأمريكية الأخيرة على الحوثيين في اليمن وهي: منصات إطلاق صواريخ حوثية كانت تُنقل نحو الساحل استعدادا لهجمات جديدة على السفن، وقيادات الحوثيين المختبئين، ورسالة إلى إيران مفادها أنها قد تكون التالية. ولكن الهدف الأول، للعمليات الأخيرة التي تستهدف الحوثيين، ربما يتعدى الشأن الحوثي الداخلي، إلى الارتباطات والتعقيدات الأقليمية في المنطقة. فبعد أن ساعدت إسرائيل في تدمير قوة حزب الله اللبناني، ستسعى إلى تصفية قدرات الحوثيين.
أمن دولي ـ كيف تواجه أوروبا ودول الخليج تهديدات الحوثيين؟
اعتمدت جماعة الحوثي في تحركاتها في منطقة البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023، على تهديد الأمن البحري باستهداف السفن التجارية والعسكرية، ووسعت من هجماتها باستخدام أسلحة متطورة مثل الطائرات المسيرة وغواصة “القارعة” المسيرة والمتفجرات، إضافة إلى توجيه ضربات لموانئ إسرائيلية في البحر المتوسط وتحديداً ميناء حيفا. ونظراً لما يمثله البحر الأحمر من أهمية استراتيجية للاقتصاد العالمي، حيث يربط بين أوروبا وآسيا وشرق أفريقيا، فإن هجمات الحوثيين تمثل خطورة بالغة للأمن الدولي، الأمر الذي دفع دول أوروبا لتعزيز وجودها العسكري في هذا الممر المائي، كما لجأت دول الخليج إلى الحلول الدبلوماسية كمحاولة لاحتواء الصراع في منطقة الشرق الأوسط.
كيف تعاملت أوروبا مع تهديدات الحوثيين؟التحركات العسكرية في البحر الأحمر
بإعلان الولايات المتحدة عن تشكيل قوة “حارس الازدهار” في 18 ديسمبر 2023، حرصت بعض دول أوروبا على المشاركة بشكل محدود في هذه القوة، حتى لا تحل محل قواتها المتواجدة في سواحل المنطقة، وشاركت “بريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، وهولندا” في هذه القوة لحماية أمن البحر الأحمر ومواجهة تهديدات الحوثين لحركة الملاحة.
أرسلت بريطانيا المدمرة ” HMS Diamond” لقوة حارس الازدهار، وأرسلت اليونان فرقاطة بحرية للبحر الأحمر، وتعمل الفرقاطة الفرنسية “لانغدوك” بالبحر الأحمر، وتشارك الفرقاطة الإيطالية البحرية “فيرجينيو فاسان” في عمليات البحر الأحمر، وأرسلت هولندا ضابطي أركان، واكتفت النرويج بإرسال (10) ضباط بحريين لمقر القوات البحرية المشتركة.
أطلق الاتحاد الأوروبي في 19 فبراير 2024، عملية “أسبيدس” لحماية السفن العابرة للبحر الأحمر واستعادة حرية الملاحة، وتأمين الشحن البحري التجاري بالبحر الأحمر. وتمكنت البعثة البحرية للاتحاد الأوروبي، من مرافقة أكثر من (265) سفينة تجارية بالمياه، وتدمير (17) طائرة مسيرة و(4) صواريخ باليستية مضادة للسفن وسفينتين مسيرتين.
تعد هذه المهمة العسكرية استكمالاً لعمليتي “أتلانتا” و”أجينور” التابعتين للاتحاد الأوروبي، وتركز عملية “أتلانتا” التي انطلقت في 2008، قبالة القرن الأفريقي وغرب المحيط الهندي، على مواجهة القرصنة والتهريب وتعطيل التدفقات البحرية غير المشروعة. زاد دور “أتلانتا” في 2024، بعد هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر، وتم إسناد مهام أخرى لها، كمراقبة السفن المقرصنة وتسليمها للسلطات الساحلية، ومرافقة السفن بالبحر الأحمر.
تتولي عملية “أجينور” مهمة تأمين حركة التجارة في مضيق هرمز وشمال الخليج العربي بأكمله، وجنوباً إلى منطقة المحيط الهندي قبالة سواحل عمان، منذ 2019، وتوفر قدرات مراقبة معززة بالمنطقة، وردت الفرقاطة “لانغدوك” على الهجمات التي استهدفت الناقلة النرويجية “ستريندا” في 11 ديسمبر 2023.
الجهود الدبلوماسية الأوروبية والتنسيق مع دول المنطقة
تتماشى المهام العسكرية الأوروبية في المنطقة، مع قرار مجلس الأمن “2722”، الذي يدعو لوقف تام لهجمات الحوثيين ضد السفن التجارية، ويعترف بحق الدول في حماية السفن من هذه الهجمات غير القانونية.
ترتكز سياسة الأمن والدفاع الأوروبي في منطقة البحر الأحمر لردع الحوثيين، على سياسة بناء قدرات الدول الصديقة بالمنطقة، وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية في حالات الإجلاء والطوارئ، بجانب دبلوماسية الزوارق الحربية، واستعادة سلامة الممرات البحرية التجارية. وتجري السفن الحربية الأوروبية زيارات لموانئ الدول، مثل موانئ صلالة ومسقط وجيبوتي. وتعد هذه الدول شركاء في عمليات الاتحاد الأوروبي العسكرية، فالهدف الأساسي لعملية “أسبيدس”، مهمة تشكيل البيئة الاستراتيجية للبحر الأحمر، عبر تدابير استباقية بالتنسيق مع دول المنطقة.
العقوبات الاقتصادية الأوروبية على الحوثيين وإيران
رغم أن الاتحاد الأوروبي لا يعتمد سياسة فرض العقوبات على الحوثيين، إلا أنه في 16 مارس 2022، قرر إدراج الحوثيين على القائمة السوداء. وفي 31 مايو 2023، فرض عقوبات على وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني والحرس الثوري، ردا على إرسال إيران صواريخ للحوثيين. وتنص العقوبات على تجميد الأصول في الاتحاد الأوروبي وحظر التأشيرات، وأيضا يُحظر دفع أموال وموارد من الاتحاد لهذه الكيانات والأفراد المستهدفين.
عدل الاتحاد في 4 أغسطس 2023، عقوباته على إيران لتشمل حظر تقديم الخدمات الفنية المتعلقة بإنتاج الطائرات المسيرة، نظراً لاستمرار دعم إيران للحوثيين.وفي أبريل 2024، قرر قادة أوروبا فرض عقوبات جديدة على إيران، تستهدف منتجي الطائرات بدون طيار والصواريخ. وفي 15 مايو 2024. وسع الاتحاد الأوروبي الحظر الذي يفرضه على صادرات إيران، لتشمل أجزاء معينة تستخدم لإنتاج مسيرات. وفي 1 يونيو 2024، فرض الاتحاد عقوبات على قيادات وكيانات إيرانية متورطة، في نقل أسلحة للحوثيين.
كيف تعاملت دول الخليج مع هجمات الحوثيين؟
تتبع دول الخليج سياسة دبلوماسية مع تهديدات الحوثيين، وظهر هذا الأمر واضحاً عندما شن الحوثيون هجمات ضد بنية تحتية مدنية في أبوظبي في يناير 2022، حيث أصدرت الإمارات إدانات شديدة للهجمات، مطالبة بتعاون دولي لمواجهة تهديدات الحوثي. وشددت الإمارات من الإجراءات الأمنية وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع حلفائها، واتخذت إجراءات استباقية بنشر أنظمة مراقبة مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
لم تشارك دول الخليج في قوة “حارس الازدهار”، تحسباً لتداعيات الحشد العسكري في المنطقة والتصعيد من جانب الحوثيين، وحذرت قطر الغرب من التركيز على هجمات الحوثيين، وإغفال السبب الرئيسي وراء هذا التطور، وهو الحرب الإسرائيلية على غزة. وأبدت سلطنة عمان تحفظها على التعامل مع الوضع بشكل عسكري. وأبدت الكويت قلقها من التصعيد بالبحر الأحمر. وأكدت الإمارات على أهمية الحفاظ على الأمن في خليج عدن والبحر الأحمر، وفضلت السعودية تجنب التصعيد في المنطقة رداً على تحركات الحوثيين.
يعود موقف دول الخليج وفي مقدمتهم الإمارات والسعودية، إلى التزامهم بالحفاظ على الاستقرار الإقليمي، ودورهم في حل الأزمات الدولية، وتعزيز البنية التحتية الأمنية لدول المنطقة. وتنظر دول الخليج إلى أن إيجاد حلول طويلة الأمد، ومعالجة الأسباب الجذرية وراء تهديدات الحوثيين، هي الاستراتيجية الأنسب للحفاظ على الأمن بالبحر الأحمر.
أشارت الإمارات في مواقف عديدة، إلى أن التدابير الأمنية مع الدعم التنموي للشعب اليمني وتقديم مبادرات دبلوماسية لحل الصراع بالمنطقة، يحجم خطر الحوثيين الذين يهددون حركة التجارة العالمية، مؤكدة أن التعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين، أساس حماية الممرات البحرية الحيوية كالخليج العربي والبحر الأحمر، للحفاظ على الأمن الاقتصادي العالمي.
ما دور الوساطة الدولية للتهدئة في البحر الأحمر؟
لجأت بعض الدول الغربية ودول الخليج، إلى المنظمات الأممية للوساطة والتوصل لحل دبلوماسي، لإنهاء التصعيد في البحر الأحمر. وتتبع الإمارات هذا السلوك منذ 2022، بشن حملات دبلوماسية عبر منصات مختلفة لحشد الدعم الدولي، وتسليط الضوء على خطورة تواجد الحوثيين. تواصلت الإمارات وقتها مع الأمم المتحدة، لتقديم إحاطة مفصلة للهجوم الذي تعرضت له، وطالبت بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، لمناقشة هجوم الحوثيين، وأصدر مجلس الأمن بيان إدانة، داعياً لمحاسبة المسؤولين.
انتهج مجلس الأمن نفس السياسة مع تصاعد هجمات الحوثيين منذ 2023، اعتمد في 10 يناير 2024، قرار (2722) بتأييد (11) عضواً، لإدانة هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر، وطالب بوقف فوري لهذه الاعتداءات.
أدان مجلس الأمن في 18 مارس 2024 هجمات الحوثيين، داعياً لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التهديدات التي تتعرض لها المنطقة، بعد الهجوم على سفينتي “ترو كونفيدنس” و”روبيمار”.
كرر مجلس الأمن في 27 يونيو 2024 مطالبته، بوقف هجمات الحوثيين، باعتماد قرار (2739) الذي حظى بتأييد (12) عضواً، وطالب بالإفراج عن السفينة “غالاكسي ليدر” وطاقمها، وشجع على مواصلة تعزيز الدبلوماسية والحوار لتجنب التصعيد بالبحر الأحمر.
صوت مجلس الأمن في 14 نوفمبر 2024 بالإجماع، لتمديد القرار (2140) الذي يفرض عقوبات على الحوثيين، داعياً للامتثال لبنوده ولاسيما حظر الأسلحة. وفي 19 ديسمبر 2024، أصدرت حكومات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، و (44) دولة شريكة والأمين العام للناتو وقتها ينس ستولتنبرغ، بياناً يدين عرقلة الحوثيين للملاحة بالبحر الأحمر.
ما إمكانية التعاون الاستخباراتي والأمني بين دول الخليج وأوروبا لمواجهة الحوثيين؟
التنسيق المشترك بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج في ملفات السياسة والاقتصاد، يزيد من فرصة التعاون لتعزيز الأمن البحري، خاصة وأن البحر الأحمر وخليج عمان يشكلان أهمية استراتيجية لأوروبا وآسيا، ويمنح الموقع الجغرافي لأوروبا ميزة لدعم البعثات المشتركة وبناء قدرات الحلفاء.
تتعاون أوروبا مع دول الخليج، في قيادة العمليات البحرية بالمنطقة، على غرار بروتوكول التنسيق بين عملية أتالانتا التابعة لقوة الاتحاد الأوروبي البحرية، والبحرية العمانية في يونيو 2024. وعقد الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، في 16 أكتوبر 2024، قمة لمناقشة حجم المخاطر جراء هجمات الحوثيين.
تقييم وقراءة مستقبلية
ـ بناءً على هذه التطورات، يبدو أن الإدارة الأمريكية تسعى لعملية عسكرية محدودة وفعّالة ضد الحوثيين، مع التركيز على ردعهم عن تهديد الملاحة البحرية، دون الانخراط في حرب طويلة الأمد.
ـ إذا كانت الضربات الأمريكية تهدف إلى إجبار إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، فمن غير المرجح أن تنجح: بل على العكس، ستشعر طهران بالحاجة إلى مواصلة دعمها للحوثيين، وربما حتى تعزيزه. في أسوأ السيناريوهات، قد تستأنف المواجهات المباشرة بين الحوثيين والسعودية. ويحاول كلا الطرفين تجنب كسر الهدنة، ولكن في الواقع، قد لا يكون من المهم من يطلق النار أولاً، خاصة إذا استخدمت الولايات المتحدة المجال الجوي السعودي لضرب اليمن.
ـ إن تجدد الضربات الجوية والبحرية الأمريكية، التي أصبحت أكثر اتساعًا، من غير المرجح أن تردع الحوثيين. فسوف يستفيدون مرة أخرى من التضاريس الجبلية اليمنية للاختباء تحت الأرض. كما أن بنيتهم التحتية منتشرة بالفعل في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق الحضرية الكثيفة. التأثير الرئيسي لهذه الضربات هو زيادة احتمال تصعيد الحوثيين لهجماتهم ضد السفن الأمريكية والغربية، واستئناف الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ ضد إسرائيل.
ـ من غير المرجح أن ترد إيران مباشرة. وإذا كانت الضربات تهدف إلى إجبار طهران على التفاوض، فمن غير المحتمل أن تحقق ذلك: بل ستشعر طهران بالحاجة إلى مواصلة دعمها للحوثيين، وربما تعزيزه، كونهم أحد الأعضاء الرئيسيين الباقين في محورها الإقليمي.
ـ تحاول واشنطن ردع طهران أثناء قصفها لصنعاء، لكن، وكما هو متوقع على نطاق واسع، فإن هذا النهج قد يؤدي إلى ربط الملف اليمني بشكل وثيق بالملف الإيراني، مما يؤدي إلى إغفال الدوافع الداخلية التي تحرك الحوثيين والسياق الأوسع للوضع في اليمن.
– يتضح أن الحوثيين يواصلون تطوير استراتيجياتهم البحرية لتصعيد نطاق هجماتهم عبر البحر الأحمر، ما يمكن أن تؤدي تلك التصعيدات إلى مزيد من التوترات بين الحوثيين وإسرائيل.
– يبدو أن المجتمع الدولي بصدد زيادة الضغط على الحوثيين، سواء من خلال عمليات عسكرية مثل “ASPIDES” أو “حارس الازدهار” أو عبر تحسين تبادل المعلومات الاستخباراتية. هذا يشير إلى احتمال تصاعد الصراع العسكري في البحر الأحمر بشكل أكبر، مع تداعياته على استقرار المنطقة.
– يمكن القول أن قيام إيران بتمكين حليف لها من تخريب كابلات الإنترنت البحرية في العالم سيكون خطوة محفوفة بالمخاطر من جانب طهران.
– من المرجح أن تشن جماعة الحوثي ضربة انتقامية، ربما تستهدف مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية في البحر الأحمر أو القواعد الأمريكية في المنطقة.
– من المحتمل أن لا تؤدي هذه الحملة إلى الإطاحة بنظام الحوثيين، وهي خطوة من شأنها أن تلحق ضرراً بالغاً بالوجود الإيراني في هذه المنطقة الاستراتيجية وقد تؤثر على قدرتهم على العمل على المدى القصير.
– الأزمة الأمنية في البحر الأحمر تعود إلى بداية الأزمة اليمنية منذ 14 عاماً، ومع تصاعد الأوضاع في المنطقة جراء أحداث 7 أكتوبر 2023، عادت جماعة الحوثيون للمشهد من جديد وبقوة. وهددت باستهداف السفن القادمة من وإلى إسرائيل رداً على الحرب الإسرائيلية على غزة، ما دفع الدول الغربية وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وبريطانيا لتشكيل قوة عسكرية تحت مسمى “حارس الازدهار”، بينما تسعى أوروبا للتوازن في سياساتها تجاه الحوثيين، بإطلاق مهمة عسكرية جديدة بجانب العمليات العسكرية الحالية في منطقة البحر الأحمر وخليج عمان، والعمل الدبلوماسي والتنسيق مع دول المنطقة، لاحتواء التهديدات الناجمة عن هجمات الحوثيين، وتبعاتها على الأمن الاقتصادي الدولي.
– رغم الانتقادات التي وُجهت للعملية العسكرية “أسبيدس” في البحر الأحمر، ولقدرتها على ردع الحوثيين، إلا أنها تمكنت من سحب السفن المعطلة نتيجة هجمات للحوثيين، ورافقت سفناً أثناء مرورها في البحر الأحمر، الأمر الذي يعزز دور الاتحاد الأوروبي في الأزمات الدولية، ويجعله حلقة وصل للوساطة في الصراع الراهن بالبحر الأحمر، ويؤكد على ضرورة معالجة الأسباب الحقيقية وراء تنامي قدرات الحوثيين، وطبيعة الدعم الإيراني المقدم لهم.
تلعب دول الخليج دوراً رئيسياً، لمنع تفاقم الأوضاع في البحر الأحمر، وربما استراتيجية دول الخليج خلال الثلاث سنوات الماضية، في التعامل مع تصعيد الحوثيين، منحها القدرة على اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة، بشأن تهديد الملاحة في البحر الأحمر، ما جعلها لا تنخرط في عمليات عسكرية غربية بشكل مباشر، بل ارتكز عملها على تقديم دعم للمهام العسكرية الأوروبية، التي تستهدف تأمين الملاحة وتحجيم الأضرار الناجمة عن هجمات الحوثيين.
– تقارب سياسات الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، بشأن تهديدات الحوثيين لأمن الممرات المائية، يدفعهما للتعاون بشكل أوسع لتبادل المعلومات والخطط الاستباقية، للاستجابة لأي تطورات قد تطرأ في المنطقة، خاصة مع الغارات الأمريكية الأخيرة على مواقع الحوثيين في اليمن، وما تبعها من استئناف الحوثيين لهجماتهم على السفن بالبحر الأحمر.
– من المتوقع أن يتجه الاتحاد الأوروبي إلى الضغط الاقتصادي على إيران، لوقف مصادر الدعم والتمويل للحوثيين، والضغط الدبلوماسي عبر مجلس الأمن، لتعديل بنود قرار العقوبات المفروض على الحوثيين وإيران.
– يصبح التصعيد الإسرائيلي في غزة ولبنان والضفة الغربية، تحدياً كبيراً أمام جهود الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، خاصة وأن جماعة الحوثيين ربطت بين هجماتها، والتصعيد على غزة، لذا عودة الحرب من جديد بالمنطقة، يزيد من تعقيد الأمور ويشعل الوضع في البحر الأحمر، خاصة وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توعد الحوثيين وإيران، عقب الغارات الأخيرة التي شنتها واشنطن ضد الحوثيين، ما يعني أن الأيام المقبلة ستشهد مزيداً من التصعيد في منطقة البحر الأحمر.
– إن الجهود الدبلوماسية المبذولة من جانب أوروبا ودول الخليج، لم تحقق نتائج ملموسة لحلحلة الوضع بالبحر الأحمر، وفي الوقت نفسه كانت العقوبات الاقتصادية على الحوثيين وإيران، لها تأثيرات محدودة للغاية، ولكن هذا لا ينفي أهمية السير في الوساطة الدولية، إضافة للضغط العسكري لتقويض نفوذ الحوثيين، ما يسهم في إمكانية تسوية الأزمة بشكل تدريجي، في ظل المحاولات الراهنة لإعادة إحياء اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس من جانب، وإعادة الهدوء إلى الجنوب اللبناني ومنع تجدد الحرب بين حزب الله اللبناني وإسرائيل من جانب آخر.
المصدر : المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا